غسان محمد علوان
انتهت انتخابات الاتحاد السعودي لكرة القدم بفوز الدكتور عادل عزت بالرئاسة لفترة أربع سنوات قادمة بإذن الله. هذه الانتخابات التي جرت، سبقها شدٌ وجذب. وتخللتها العديد من الإيجابيات مثل اتساع دائرة الترشح لتشمل أربعة أشخاص وبتنوّع جميل في خلفياتهم وخبراتهم. وفي ذات الوقت شهدنا بعضاً من التصرفات الغريبة التي تؤكّد بلا شك أننا ما زلنا نخطو خطواتنا في عالم الانتخابات والاختلاف الصحي المحمود في الأشخاص الذين نراهم أكثر جدارة من غيرهم في تولي المناصب، رغم توافقنا في الهدف الأشمل من مثل هذه التجربة.
المزعج جداً جداً جداً، هو ما قام به البعض وسيستمرون عليه منذ إعلان النتائج إلى نهاية ولاية اتحاد عادل عزت، من صراخ وعويل وتشكيك في كل شيء وفي أي شيء.
جميعهم يبدأ معلقاته بعبارة: (نحن نتحدث من باب المصلحة العامة، وخوفاً وحباً في مصلحة رياضتنا)، ثم لا يذكر حرفاً واحداً يتوافق مع عبارته التي قالها لتجميل قبيح قوله.
فبعضهم اتهم الهيئة العامة للرياضة ورئيسها الأمير عبدالله بن مساعد تحديداً بتحديد مسار الانتخابات مسبقاً، رغم أن اللجنة الأولمبية قد قامت بحجب أصواتها الخمسة في تصرف يُبتغى من خلاله التزام مبدأ الحياد في تصرف يُفترض أن يُرضي عشاق ثقافة الضجيج. رغم أن تلك الأصوات حقٌ أصيل للجنة، والتنازل عنها هو تماشي مع الأهواء لا النظام، و لكنه حدث من أجل المصلحة العامة. فهل كان هذا كافياً لهم؟ بالطبع لا. فقد فات على الأمير أنهم لا يبحثون عن عدالة أو تطبيق نظام أو حتى مصلحة عامة، فهم أسرى لهواهم فقط ومن وافقهم فيه. فقبل الحجب طالبوا بالحجب، وبعد الحجب زعموا أنها لعبة مدبرة محسومة النتائج، وأن الحجب كان لمجرد تغطية اللعبة التي تمت بنجاح.
تسألهم: لمن يذهب صوتك؟ فيقول: لفلان. تسأله بشكل طبيعي: لماذا فلان؟ فيجيبك بأشياءٍ لم تخطر لك على بال، أو يكتفي بتعميم هائل ينطبق على جميع المرشحين أو حتى من لم يقم بترشيح نفسه.
فبعضهم اختار مرشحاً بسبب إعجابه بالطاولات والديكور الذي وجده في قاعة المؤتمر. (يشهد الله أنها ليست مزحة)، وبعضهم اختار مرشحاً بسبب توافق ميوله الكروية مع المرشح. وبعضهم اختار مرشحاً بسبب منطقته و(وش يرجع). وبعضهم كان الآيباد كافياً لإقناعهم بكفاءة المرشح.
من قرأ الملفات الانتخابية للمرشحين الأربعة كاملةً؟ ومن قارن بين الأهداف (القصيرة والبعيدة المدى) لكل مرشح؟ ومن درس طرق تحقيق هذه الأهداف ومعقولية تحقيقها؟ من تفحص مقاييس تحقيق الأهداف وحدد إمكانية تحقيقها ضمن الأطر الزمنية التي وضعها المرشح؟ من راجع الخطط البديلة للانحرافات التي قد تحصل في الخطط المقدمة ونجاعتها؟
لا أحد! بل لم يكلف البعض نفسه عناء مجرد الاستماع ولو لمخلصات الحملات الانتخابية، ليستطيع أن يخرج للإعلام لمناقشة الموضوع، أو حتى مناقشة أي نقطة بموضوعية واحترافية صادقة.
ختاماً، نتمنى من كل قلوبنا أن نرى تلك الأحلام التي نتمناها على أرض الواقع. منافسات شريفة تجبر الجميع على الاستمتاع باللعبة دون قلق أو توتر مما قد يحدث خلف الأبواب المغلقة.
نتمنى أن تكون هذه الفترة هي نقطة التحول لكرتنا من هواية إلى صناعة حقيقية. تحكمها القوائم المالية والرؤى الاحترافية والخطط التسويقية المبتكرة والجاذبة للمستثمرين والمشجعين على حد سواء.