محمد آل الشيخ
قائد الحرس الثوري الإيراني «محمد علي جعفري» صرح بعد سقوط حلب في يد الفرس وعملائهم بقوله: (معركة حلب انتصار للثورة الإسلامية الإيرانية)؛ بمعنى أن ما يُسمى الجيش (العربي) السوري، تحول عمليا، وحسب ما يدعيه هذا الفارسي، إلى جيش يعمل للفرس وليس للعرب كما كان مسماه، وأن من يُسمى (الأسد) في سوريا، تحول هو الآخر إلى (بغل) حقير، يمتطيه هؤلاء الأعاجم الأوباش، الذين يملأ الحقد على العرب تاريخهم، لإحياء أمجاد إمبراطورية (كسرى أنوشروان) الذي قضى عليه عمر بن الخطاب، وأن النظام السوري حين يدّعي أنه سيعيد سوريا كما كانت عليه قبل الثورة، يقولها ذرا للرماد في العيون، أما الحقيقة التي يُفاخر بها الإيرانيون، وأعلنها قائد الحرس الثوري نهارا جهارا على رؤوس الاشهاد، فمؤداها أن تمتد إمبراطورية الفرس، بعد أن تبتلع عاصمة الأمويين، إلى ضفاف البحر الأبيض المتوسط.
الفرس بعد هزائمهم التاريخية من العرب، وآخرها هزيمتهم من العراق في عهد صدام حسين، أدركوا أنهم سيُمنون بهزيمة نكراء اذا حاربوا بأنفسهم، مثلما هزمهم العرب على مر التاريخ. فاستخدموا وكلاء يحاربون عنهم، من الشيعة، وبعضهم - للأسف - عرب، واكتفى هؤلاء الأعاجم بالتحريض (الطائفي) وتمويل حروبهم الطائفية من مقدرات وثروات الشعب الإيراني المغلوب على أمره، غير أن هذه الطريقة فشلت فشلا ذريعا، فقد كاد الثوار السوريون أن يفتحوا دمشق بعد أن توالت الهزائم على جيش النظام ومعه الميليشيات التي حشدها الفرس، فلجأوا للروس، واستظلوا بطائراتهم المقاتلة، لنجدتهم؛ بمعنى آخر أن الفرس كادوا أن يلقوا هزيمة نكراء من (مجرد) ميليشيات عربية، لتفعل بهم ما فعله بهم أجدادهم في ذي قار، لولا أن أنقذهم الروس من هذا المصير الذي كان قاب قوسين أو أدنى من أن يكون محتوما.
سقوط حلب معركة من ضمن حرب، وليست هي نهايتها. هذا أولا؛ أما ثانيا فإن معركة حلب كانت مرتفعة التكاليف على الروس، ماديا وكذلك ما تمخضت عنه تلك الحرب من تشويه لسمعة الروس في العالم، خاصة لدى الشعوب الغربية، فضلا عن الشعوب المسلمة وبالذات من أهل السنة، وكذلك من عقلاء الشيعة غير الصفويين، هذا طبعا إضافة إلى الفاتورة الأمنية التي وجد الروس أنهم سيدفعونها؛ وكل المحللين يؤكدون، ولأسباب وجيهة، أن الروس لن يذهبوا بعيدا بعد حلب في الحرب السورية، لذلك جنحوا الآن إلى السلام، وحل النزاع السوري السوري بالطرق السلمية. وهذه الحلول السياسية سيرفضها الفرس، وكذلك (بغلتهم) رئيس النظام السوري. من هنا من المتوقع أن تتسع شقة الخلاف بين الروس والإيرانيين. فالإيرانيون يعلمون يقينا أن أي حل سياسي، سيُخرجهم من المعادلة بخفي حنين، الأمر الذي يجعل كل ما أنفقوه على هذه الحرب لتحقيق أهدافهم التوسعية، تذروها الرياح، إضافة إلى أنهم وميليشياتهم، بلا القوة الجوية الروسية مجرد (نمر من ورق)، فما إن تتخلى الطائرات الروسية عن نصرتهم، سيفترسهم الثوار السوريون، بل وأكاد أجزم أنهم سيستعيدون حلب منهم. لذلك فإنني على يقين لا يخالجه شك أن عام 2017 الذي لم يتبق عليه سوى أيام معدودة، سيكون وبالا على الفرس وبغالهم.
إلى اللقاء.