هاني سالم مسهور
سيبقى تنظيم «الإخوان المسلمين» الأكثر خطورة على المجتمعات، فهذا التنظيم الذي يعتمد السرية في كل شؤونه، ويتربص بالفرص المواتية لينفث سمومه عبر تسيّس كل مناحي الحياة لخدمة أهداف التنظيم في محاولة استمرت منذ نشأته في مطالع القرن العشرين المنصرم، الايدلوجية السياسية تحمل عند أعضاء هذا التنظيم كل المسوغات التي تبرر تمزيق أنسجة المجتمعات الآمنة، وما حدث فيما يسمى دول الربيع العربي إنما هو تأكيد على منهجية شيطانية تتخذ من الإسلام مَنفذاً تعبر به أفكارهم لتلك المجتمعات.
ألقى أحد قادة الإخوان المسلمين في اليمن (حزب التجمع اليمني للإصلاح) لفظاً أمام جمع من الناس، حمل ذلك اللفظ مضموناً خطيراً يناهض حالة السلم المجتمعي وينذر بخطر داهم يتم الترتيب له في أجندات التنظيم استعداداً لمرحلة سياسية يتم التحضير لها، فلقد قال أن «القبائل الماركسية» تخطط لمشروعات سياسية في المنطقة؟ واجهته بشكل مباشر طالباً منه توضيح اللفظ، راوغ وتهرب ولم يضع إجابة للتساؤلات.
وحتى يتم استفهام المقصد من ذلك اللفظ فلابد من العودة إلى حقبة تاريخية حكمت اليمن الجنوبي من 1967م وحتى 1990م وشهدت وصول الجبهة القومية التي كانت امتداداً للمد الناصري الذي كان شائعاً في الخمسينيات من القرن العشرين، انحاز قادة اليمن الجنوبي آنذاك إلى النهج الماركسي دون اعتبارات للقيم الدينية والاجتماعية في الجزيرة العربية، وطغت السياسة الاشتراكية على مفاصل الدولة، وظهر الرفاق بشعاراتهم الأممية، وبرغم أن هذه الأفكار لم تجد قبولاً اجتماعياً غير أنها امتلك القدرة في التأثير السياسي ودخلت اليمن الجنوبية في صراعات دامية توجت في أحداث يناير 1986م والتي شهدت واحداً من أكثر الصراعات السياسية الدموية في الشرق الأوسط بعد أن حصدت أرواح عشرات الآلاف.
كانت معاناة المجتمع في جنوب الجزيرة العربية من نتيجة هذا الصراع الدموي هي التحدي الأكثر صعوبة فأدى انهيار الاتحاد السوفيتي إلى ضعف مباشر في سلطة الحكم السياسي في عدن مما أسهم ضمن عوامل أخرى في الوحدة الاندماجية مع اليمن الشمالي في مايو 1990م، ولعدم معالجة حكام اليمن الجنوبية للصراعات الدامية التي شهدتها بلادهم فلقد نجحت القوى الشمالية في إشعال حرب صيف 1994م، وعندها استخدم المخلوع علي صالح شركاءه في حزب الاصلاح الذين أصدروا فتاوى التكفير للجنوبيين مما أدى بشعب الشمال للزحف على المدن الجنوبية تحت شعارات دينية فاستباحت تلك القوى كل إنسان وكان القتل والفيّد مباحاً دون رقيب.
أصدر الشيخ محمد بن عثيمين - يرحمه الله- والأزهر الشريف فتاوى مضادة رفضت التكفير للجنوبيين، وحذرت من سلوك الإخوان المسلمين في اليمن ومع ذلك لم يتم الإصغاء وانتهت الحرب بمآسي وجراح مازالت حاضرة برغم تعاقب سنوات، والآن يعود تنظيم «الاخوان المسلمين» ليمارس نفث سمومه عبر إشاعة الالفاظ التي تؤجج الصراعات خاصة بعد أن نجح التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية في تجنيب اليمن صراعات خطيرة وأنقذته من مزلقات وشيكة عبر المبادرة الخليجية أولاً ثم تدخلها العسكري استجابة لنداء الشرعية ضد تحالف الانقلاب (الحوثي/ صالح).
الإخوان المسلمون والحوثيون هما وجهان لعملة واحدة، فكلاهما خرجا من رحم أيدلوجي واحد، وكلاهما خرجا من رأس شيطان واحد هو المخلوع علي عبدالله صالح، وأن هذه الأفكار التي تريد تهيئة المجتمع لحرب دينية أخرى مع اقتراب هزيمة المشروع الحوثي تنذر بخطر يجب التوقف عنده بإعلان هذا تنظيم الاخوان جماعة إرهابية كما هو معتمد في السعودية والإمارات والبحرين وغيرها من الدول التي اعتبرت أن هذه الجماعة خطر يجب مقاومته واجتثاثه من جذوره.