«الجزيرة» - عبدالله الفهيد:
وقّعت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، اتفاقية للعمل المشترك في مجال التنقيب البري والبحري مع مصلحة التراث الوطني الصيني ممثلة بمركز الآثار البحري، للقيام بعمليات التنقيب في موقع السّرين الأثري بمحافظة الليث غرب المملكة، حيث جرى التوقيع، خلال ثاني أيام افتتاح معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» والذي افتتح يوم الثلاثاء 21 ربيع الأول 1438 الموافق 20 ديسمبر 2016 ، وذلك في المتحف الوطني الصيني في العاصمة بكين.
وجاءت هذه الاتفاقية، تفعيلاً لبرنامج التعاون المشترك بين المملكة وجمهورية الصين الشعبية، والرامي إلى توسيع أطر التعاون المشترك بين البلدين في مجال السياحة والتراث الوطني.
وأكّد الدكتور علي الغبان نائب الرئيس المشرف العام على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، والذي مثّل الجانب السعودي في توقيع الاتفاقية، أن العمل جار على تشكيل فريق عمل يمثِّل الجانبين السعودي والصيني للبدء في مباشرة مهام أعمال التنقيب في موقع السّرين جنوب محافظة الليث غرب المملكة وذلك خلال الفترة القليلة المقبلة، مبيّناً أن تسريع هذه الاتفاقية جاء تنفيذاً لطلب سمو رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني من وزير الثقافة الصيني خلال افتتاح معرض «طرق التجارة في الجزيرة العربية - روائع آثار المملكة العربية السعودية عبر العصور» في المتحف الوطني الصيني.
وأوضح الغبان أنه خلال اليوم الثاني لافتتاح المعرض، جرى تنظيم زيارة خاصة لمركز التراث البحري المغمور في الصين والتابع لمصلحة الدولة للآثار، وذلك بتوجيه من وزير الثقافة الصيني، من أجل بحث تنفيذ بند من بنود التعاون الموقّعة في الاتفاقية الإطارية بين الصين والمملكة والمتعلّقة بالتراث الثقافي، وهو التنقيب المشترك في موقع مُختار في المملكة، مبيّناً أنه وقع الاختيار على موقع السرّين الأثري وهو ميناء يقع جنوب مكة المكرمة على البحر الأحمر كان في خلال الفترة الإسلامية من أهم المواقع الحيوية والاقتصادية في المنطقة.
وقال نائب الرئيس المشرف العام على برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري، «سيقوم فريق سعودي صيني مشترك بالتنقيب في هذا الموقع إلى جانب القيام بمسوحات تحت مياه البحر وبالتحديد في مرسى الميناء، حيث يتميز الموقع بتوفر العديد من كسر السيلادون وهو نوع من الخزف الصيني كان يتم استيراده من الصين في تلك الحقبة وهو عصر أسرة سونغ وتونغ الصينيتن التي توازي فترة العصرين الأموي والعباسي في تسلسل التاريخ الإسلامي أي قبل ألف سنة».
وأضاف: « تشكيل الفرق الميدانية والبدء في أعمال التنقيب خلال الشهرين القادمين على أقل تقدير»، متوقعاً أن تكون نتائج هذا العمل مهمة لإيضاح المزيد من المعلومات عن العلاقات التجارية القديمة بين الأراضي الصينية وأراضي المملكة العربية السعودية.
وزاد: «يجري العمل على تشكيل الفريق من المختصين الصينيين لمشاركة الفريق السعودي في هذا البرنامج الميداني، إلى جانب العمل على استصدار جميع الإجراءات والموافقات اللازمة لاستقبال الفريق الصيني فور الانتهاء منها بشكل رسمي»، مبيّناً أنه سبق أن زار المملكة فريق من مصلحة الآثار الصينية وقاموا بزيارة موقع السّرين وأعجبوا بطبيعة الموقع والتكوينات الأثرية المتوفرة فيه، والآن لديهم الحماس للشروع في تنفيذ أعمال المسح والتنقيب الميداني.
وبالعودة إلى القيمة التاريخية والأثرية لموقع السّرين الواقع على الساحل الغربي من المملكة وبالتحديد في محافظة الليث، وهو ميناء معروف على البحر الأحمر، وقد كان بلدة صغيرة، إلا أنه منذ أواخر القرن الخامس الهجري تطور وأصبح من أعظم الموانئ على ساحل البحر الأحمر بعد ميناء جدة، لكنه هُجر في القرن الثامن الهجري. وأطلال هذا الميناء لا تزال ماثلة للعيان تشهد على أنشطة الحضارية المتنوّعة، من أساسات المباني، والكتابات الشاهدية الكثيرة، والكسر الفخارية، الخزفية، والزجاجية، حيث اكتسبت بلدة السرين التي نشأت بجانب الميناء أهمية مكانية على الطريق بين اليمن والحجاز براً وبحراً بحيث أصبحت ملتقى طريقي تهامة البريين اللذين يجتمعان فيها ويفترقان بعدها شمالاً وجنوباً، كما أن ميناءها أصبح ممراً بحرياً يلعب دوراً مهماً في حركة التجارة البحرية بين موانئ البحر الأحمر وبخاصة موانئ الشاطئ الشرقي للبحر الأحمر التي تقع شماله وجنوبه وكذلك صادرات السروات والقرى الداخلية.