سعد بن عبدالقادر القويعي
من أهم الأسباب الثمانية التي أرجعها رئيس حملة السكينة التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية - الشيخ - عبد المنعم المشوح، والتي تثبت تقلص أعداد السعوديين المتورطين في التنظيمات المتطرفة بالخارج، حملات التوعية «العلمية» المُركّزة التي نفذتها وزارة الشؤون الإسلامية، والتي صنعت تيار وعي بين الخطباء، والأئمة، والدعاة، -وبالتالي - انعكس ذلك على المجتمع. وهذا ما يجعلني أؤكد، على أن المحافظة على مقاصد الشريعة، والموازنة بين الضروريات، والحاجيات، والتحسينات، وتطبيقاتها الدعوية، وحسن تناول القضايا العامة، يسهم إيجاباً في رفع درجة وعي المسلمين بشؤونهم، ولا يثمر ذلك إلا باختيار هذه الفئة من منارات العلم الشرعي، والواقع المجتمعي ؛ ليكونوا قدوة لأفراد المجتمع؛ ولمنع تأثير المتغيرات السلبية على الأمن الفكري، والانتماء الوطني لدى هذه الشريحة.
إصلاح رسالة المنبر يبدأ بالنهوض به، وإصلاح حال من يرتقيه، ولا يكون ذلك إلا بتبصير الخطيب، والإمام، والداعية برسالته، ودوره، وأثره في المجتمع - بأكمله -، وبإشعارهم بمكانة الثغر الذي يقفون عليه، وتحذيرهم من أن تؤتى الأمة من قبلهم. ومن هنا يأتي دور هذه الفئة، باعتبارهم المسؤول عن إيصال رسالة المنبر بموضوعية، بعيداً عن التعصب لاتجاه من الاتجاهات، أو الوقوع فريسة للعاطفة، والشائعات.
إن التأكيد على دور خطباء منابر الجمع، والأئمة، والدعاة في توعية مختلف أفراد المجتمع بخطورة أفكار العنف، والغلو التي قد تؤدي بأصحابها للهلاك، يندرج ضمن جهود العطاء الفكري في هذا الوقت على المحك أكثر من أي وقت مضى؛ لأن الغلو بكل أساليبه يتنافى مع التعاليم السمحة للدين الإسلامي، الذي يحث على الوسطية، والاعتدال، ونبذ الغلو، والعنف، فالخطاب الفكري، والدعوي تحت المنظار، والجميع يتابعه، ويتأمل ما فيه من وعي حضاري، ودعوة جامعة، وثقافة مبصرة، ومن ثم فإن حسن تناول القضايا العامة سيسهم إيجاباً في رفع درجة وعي المسلمين بشؤونهم، وقضاياهم.
الأمن، والأمان من أساسيات الحياة ؛ ونظراً للمكانة الخاصة لهذه الفئة بين جميع شرائح، وفئات المجتمع، إذ إنهم منهل أساس من مناهل العلم، والمعرفة، ومصدر رئيس من مصادر الثقافة، - خصوصاً - وقد أضحوا في قلب الحدث، وتحت مِجهَر الإعلام مباشرةً، فإن النسق الديني يأتي كنسق هام في تبصير المجتمع بسماحة الإسلام، وعدله، ودعم الانتماء الوطني، وتنوير العقول بالتفكير، والتحليل؛ من أجل بناء واقع مغاير أكثر رقيّاً.
المنبر هو المؤسسة التي تعمل على إيقاظ روح التفاعل مع القضايا العامة، وهو مركز التوجيه؛ لتأصيل الاهتمام بأمر المسلمين. ومن شأنه - أيضاً - أن يرسخ لدينا روح الولاء، والانتماء للوطن؛ ليتنامى وفاء الفرد، ويزداد عطاؤه لوطنه، وأمته، - إضافة - إلى تأسيسه ليكون بديلاً للتصدي للتطرّف، الذي يُعدُ ظاهرة معقدة، تتداخل فيها مجموعة من العناصر الثقافية، والأيديولوجية، والاجتماعية، والمعرفيّة.