كان الجدل واسعاً ومتنوعاً ومحكوماً بحسب الانتماءات حول من ستذهب له أصوات اللجنة الأولمبية، وكان الراجح في القول إنها ستذهب إلى عادل عزت، وبالتالي فلا أمل للثلاثة المنافسين بالظفر بكرسي الرئاسة، فالغالبية ترى أنّ هذه الأصوات هي التي سترجّح عادل عزت، وأنها ستكون هدية من الأمير عبد الله بن مساعد له، كما كانت هدية الأمير نواف بن فيصل في أول انتخابات للاتحاد للفائز المنتهية مدته وهو أحمد عيد.
***
وظل عبد الله بن مساعد يستمع ولا يجيب، يُسأل فلا يرد، يُستفز فلا يجدوا عنده ولديه سوى الصمت المطبق، وبقيت الاستنتاجات والتخمينات مادة دسمة ومثيرة بين وسائل الإعلام، ليكون الحديث عنها بمثابة أوراق ضغط نفسية على المؤهلين للمنافسة على كرسي اتحاد كرة القدم، بل والضغط على الأمير الصامت نفسه ليرمي بثقله على ما قالوا إنه مرشحه، أعني عادل عزت إما بدعمه بأصوات اللجنة أو حجبها عن الجميع.
***
وفي اللحظة المناسبة، وقبل أن تفتح صناديق الاقتراع لمعرفة صاحب الحظ السعيد في الفوز بكرسي الرئاسة، خرج الأمير عن صمته، وبدد الأوهام والشائعات والقراءات غير الصحيحة، وأعلن أن اللجنة الأولمبية في شخصه تقف على مسافة واحدة من الجميع، وأن من يفوز بأصوات المخولين بالاقتراع هو الشخص المناسب لقيادة الاتحاد، وأن البقية يظلون في مستوى رئاسة الاتحاد وإن لم يفوزوا.
***
عبد الله بن مساعد رياضي كبير، وكبر أكثر لدى الرياضيين في هذا الموقف المتوازن، وفي هذا القرار الذي صحّح به ما كان قد حدث من قبل في الانتخابات السابقة، وأكد من جديد أن رياضتنا بخير بهذا الموقف العادل، وأنه بهذا القرار إنما يؤسس لرياضة المساواة والعدل والإنصاف، وأنه بتحييد موقف اللجنة الأولمبية من الأربعة المرشحين يأتي ليؤكد أنهم جميعاً في مستوى أن يترأس أي منهم اتحاد كرة القدم.
***
كان عبد الله بن مساعد، قد قال في وقت مبكر قبل موعد الانتخابات إنه سوف يدرس ملفات وبرامج كل واحد منهم، وأنه سوف يعطي أصوات اللجنة الأولمبية لمن يكون الأفضل والأنسب، غير أنه عندما وجد أنّ الأربعة مؤهلون لقيادة الاتحاد، أعطى الأصوات لهم جميعاً بحجبه التصويت لأيّ منهم، وهو قرار شجاع ووطني ورياضي بامتياز.
***
هذا التصرف من الأمير يأتي بعد خطوات كثيرة من سموه أهمها: توثيق بطولات الأندية، وتخصيص الأندية، وفتح المجال أمام المرأة لدخول معترك الرياضة، وأمامه الكثير من المسؤوليات، بينها توثيق تاريخ تأسيس الأندية وما طرأ عليها من تغيير في المسميات والشعارات، فلا يجوز أن تكون الرياضة في بلادنا بلا تاريخ موثّق، مجاملة لبعض من لا يهمه إلا ناديه، دون النظر إلى ما هو أبعد من ذلك.
***
شكراً للأمير عبد الله بن مساعد الذي يعد بنظرنا الفائز الأول في انتخابات اتحاد كرة القدم، وسوف يسجل له هذا الموقف المنصف والعادل كخطوة مهمة في إرساء العدل بين جميع الأندية والمنتمين لها، ولعلّ حجب أصوات اللجنة الأولمبية ينص عليه في تعديل يجب أن يمس النظام، حتى لا يكون إهداؤها أو حجبها بحسب المسؤول الذي تكون من صلاحياته منحها لمن يشاء، مسجلاً بذلك سموه مبدأ المساواة والعدالة بين الجميع.
***
نبارك للرئيس الجديد لاتحاد كرة القدم ولنائبه، ولبقية الذين تنافسوا على الرئاسة أو على نيابتها وإن لم يفوزوا، ولكل من تابع ورافق واهتم بهذه المنافسة الانتخابية بموضوعية ونظرة للمصلحة العامة، وبانتظار إنجازات تكون في مستوى هذا الحدث وتليق بمكانة المملكة، وتترجم آمال الناس بالمجلس الجديد.