يوسف المحيميد
لا يعني صدور بيان رسمي من وزارة الخارجية بسلطنة عمان يعلن عن انضمامها إلى تحالف الدول الإسلامية لمكافحة الأرهاب بقيادة المملكة، أنها كانت أساساً بعيدة عن البيت الخليجي، ثم عادت إليه، بل هي جزء مهم ومؤثر في خارطة هذا البيت وهمومه، حتى وإن كانت لها وجهة نظر مغايرة، قد لا نتفق معها أحياناً، لكن ذلك لا يعني بأنها تغرد خارج السرب، كما يتردد أحياناً في وسائل الإعلام العربية، أو كما يتوهم ويتمنى البعض.
العمانيون يرون في الحياد تجاه كثير من القضايا السياسية والاقتصادية أمراً يتناسب مع سياسة السلطنة، لكن التحولات الجديدة والمستمرة في المنطقة، على المستويين السياسي والاقتصادي، والمخاطر التي تحيط بها، والسيناريوهات التي تُدار لها، يحتم على هذه الدولة الساكنة عميقًا في شبه الجزيرة العربية أن تتحرر من هذه الرؤية، وأن تتحرك لتصبح عنصرًا نشطًا وفاعلاً في بيتها الخليجي.
إذا كانت السلطنة بحاجة إلى شقيقاتها الخمس في دول المجلس، ففي المقابل، هذه الدول أيضًا بحاجة إلى رؤية السلطنة وحكمتها في بعض القضايا الشائكة، بحاجة إلى صوتها ونقاشها، وإلى مواقف واضحة وشجاعة منها، وشعور بالمسؤولية أيضًا، فلم تعد سياسة الحياد، والوقوف بعيدًا، تجدي في زمن المواقف والقرارات والتحالفات، ولا يعني تحالفها مع أشقائها انتفاء لاستقلالها في الرأي والقرار، بل معها كامل الحق في اتخاذ ما تراه مناسبا لها ولمصالحها في ظل المجموعة، وفي الوقت نفسه، احترام القرارات المتخذة بالأغلبية، وهذه هي قاعدة التحالفات والاتحادات في تاريخ السياسة الحديث، ما لم يتم الاتفاق على آلية الإجماع في بعض القرارات المصيرية والقضايا الحساسة.
صحيح أن السلطنة لا تدخل في تحالفات سياسية، ولا حتى اقتصادية، فهي ليست عضواً في منظمتي الدول المنتجة للبترول «أوبك» و»أوابك»، رغم أن إنتاجها من البترول في حدود المليون برميل يومياً، إلا أن ذلك لا يعني دوام البقاء خارج هذه المنظومات السياسية والاقتصادية، فالسياسة تتغير باستمرار في كثير من الدول، تبعًا للمتغيرات والمستجدات المحيطة، فهي متجددة بتجدد الحياة، وهو ما قد يشير إلى مستقبل السلطنة القريب.