سلطان بن محمد المالك
مع إعلان موازنة المملكة للعام 2017م الأسبوع الماضي، وبما حملته من أرقام وتفاصيل وتغييرات في طرحها عما اعتدناه سابقًا، وبشكل يتواكب مع متطلبات رؤية 2030م، وعلى الرغم من التغطية الإعلامية الرائعة التي تواكبت مع طرح الميزانية، إلا أنني لحظتُ أن هناك نقصًا في التحليل للموازنة وتفصيلاتها من قِبل وسائل الإعلام. وقد يعزى السبب في ذلك إلى النقص في المتخصصين لدينا في مجال الإعلام الاقتصادي.
وقد كتبتُ مقالاً قبل خمسة أعوام بعنوان (أزمة الإعلام الاقتصادي السعودي)، وقبل عامَيْن كتبتُ مقالاً آخر بعنوان (إعلاميون اقتصاديون غير مؤهلين)، وتطرقت فيهما للقصور الذي نعانيه في المملكة للمتخصصين في مجال الإعلام الاقتصادي، وإن وُجد فهم قلة قليلة. ولعلي أزيد لذلك بأننا نفتقر للإعلاميين المتخصصين في مختلف المجالات، سواء الإعلام الأمني والعسكري، وانتهاء بالإعلام السياسي والاستراتيجي والاجتماعي. في تصوري، وعلى مدار السنوات الخمس الماضية، لم نلحظ تغيُّرًا كبيرًا في توفير الإعلامي المتخصص المتمكن من أداء مهامه إلا ما ندر، بل لا أبالغ إن قُلت إن العمل في الحقل الإعلامي ابتُلي بنوعية من الإعلاميين الدخلاء على المهنة، الذين - بكل تأكيد - هم من يسيء لها، وخصوصًا مع قنوات التواصل الاجتماعي، حيث الفرصة لأي شخص بأن يكتب ما يشاء وكيفما يشاء.
والمتتبع للصحف أو القنوات الفضائية وقنوات التواصل الاجتماعي يلحظ نهضةً حقيقيةً في مجال الإعلام الاقتصادي، وخروج صحف إلكترونية متخصصة بهذا الجانب، وهو توجُّه ذو جوانب إيجابية. وبقدر ما هناك من اهتمام واضح في الإعلام الاقتصادي إلا أن هناك معضلة حقيقية واضحة بجلاء، هي وجود متخصصين محترفين في هذا المجال، فإما أن يكون شخصًا اقتصاديًّا بدون خلفية إعلامية أو حس إعلامي، أو العكس: رجل إعلام بدون أي خلفية اقتصادية. وهذا يبدو واضحًا من خلال ما نشاهده من تغطيات صحفية وتلفزيونية لمؤتمرات ومحافل اقتصادية أو برامج حوارية تلفزيونية اقتصادية؛ فما يُطرح من أسئلة تعكس حرفية ومقدرة الشخص. نحن بحاجة ماسة إلى إعلاميين اقتصاديين متخصصين، لديهم أفكار ورؤى اقتصادية، ودراية كاملة بالأمور الاقتصادية. والأهم من ذلك المصداقية في الطرح والأمانة المهنية، وعدم التعجل والبحث السريع عن الشهرة.
تقع المسؤولية بالدرجة الأولى على الوسيلة الإعلامية في الاهتمام بمن يعمل بها من إعلاميين، وتدريبهم، وتأهيلهم التأهيل المناسب قبل إرسالهم لتغطية أي حدث. الجزء الآخر يقع على الإعلامي نفسه؛ فمن الواجب عليه أن يقوم بالإعداد والتحضير المناسب للحدث أو الفعالية قبل الذهاب لها. فمن غير المقبول أن يحضر الإعلامي لتغطية مناسبة وهو لا يعرف من الراعي لها، وما الهدف منها! ونحن -ولله الحمد- لدينا شباب من الجنسين، دخلوا في المجال الإعلامي بكل حماس وهمة ونشاط، وهم بحاجة ماسة إلى من يدعمهم ويقف معهم من خلال تأهيلهم التأهيل المطلوب؛ ليَخرج لنا جيل جديد من المؤهلين في الاقتصاد الإعلامي، وغيره من المجالات الإعلامية.