مها محمد الشريف
سخرت الولايات المتحدة من تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن اتهام التحالف الدولي بقيادتها بدعم جماعات إرهابية في سوريا. في هذه الأخبار وضعية مختلفة تحتم التشكيك في الأروقة السياسية، وعدم الوثوق بما تظهره للعالم. السياسة تسير بطرق ملتوية، ونحو مستقبل غامض. لعل هذه واحدة من الأوراق المتداولة اليوم التي يتنبأ بها الناس بعد غياب كلي للمصداقية إما بغرض التمويه أو بفرض استبدادي لا يقبل المشاركة في القرار أو المحاسبة.
وهذه التصريحات والأقوال لا معنى لها إن لم ينتهِ هذا الإفراط في التخاذل والمواقف عديمة القيمة.
من ناحية أخرى، يستحيل إثبات أخبار موضوعية اليوم، فما الذي يدعونا للاعتقاد بوجود سلام تعمل من أجله الدول الكبرى وهي تتبادل التهم والصدامات؟
وعودة للملف الفلسطيني (قضية فلسطين)، واستبسال جون كيري في عرض مثالي ومنطقي يلوح في الأفق حول إيقاف بناء المستوطنات قائلاً: «إن حل الدولتين في خطر، وإن حل الدولتين ومنح الإسرائيليين والفلسطينيين دولة ووطنًا هو أفضل خارطة طريق إلى السلام». ورحبت المملكة العربية السعودية بهذه المقترحات التي تتماشى مع غالبية القرارات الشرعية الدولية التي تبنتها قمة بيروت في العام 2002 وقمة مكة المكرمة في 2005، كما عبر عنها مصدر مسؤول في وزارة الخارجية لإنهاء النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.
ومع أن المشهد لا يمكن وصفه بشكل إيجابي إلا إذا قلنا إنها عودة الماضي لإقفال ما تبقى من قضايا كبرى راهنة معلقة في عهد أوباما، وتحسين صورة النهايات، وتعتبر وجهة نظر صحيحة، ومثيرة للاهتمام؛ لهذا السبب نرجو ونتأمل عودة فتح ملف قضية فلسطين مجددًا على طاولة المقترحات والحوارات السياسية، سواء من الرئيس أوباما أو من الرئيس المنتخب دونالد ترامب وإدارته الجديدة.
في الحقيقة، الثقة بنجاح هذه المقترحات المطروحة يصعب التنبؤ بنتائجها وتنفيذ ما تحمله من خيارات؛ فقد اعتاد العالم على قائمة طويلة بالمتناقضات السائرة باستمرار إلى الأمام، والجميع يؤمن بأنها جهود كبيرة لإغلاق القضايا المعلقة وتحسين النهايات (نهاية إدارة أوباما).
هل يعتبر القبول بالقدس عاصمة لدولتي فلسطين وإسرائيل حلاً للقضية العربية الأولى؟ كما قال وزير الخارجية جون كيري، وأن الحل النهائي بين الجانبين ممكن على حدود أراضي 1967 وتعويض الفلسطينيين المتضررين، محذرًا من أن الإدارة الأمريكية القادمة قد تخرج عن إطار حل الدولتين (الوزير يحذر من يوم لا ريب فيه قادم يحمل كثيرًا من الوعود لإسرائيل)؛ لذا نجد هذه المقترحات مبشرة، ولو أنها تدل على تباين في المواقف الأمريكية؛ فكل اتفاق أو خلاف في الغرب تدفع ضريبته دول الشرق الأوسط.
واليوم التاريخ يجهد الحاضر بكثرة أحداثة المأساوية، والظلم الكبير الذي تعرض له الشعب الفلسطيني يتطلب بذل المزيد من الجهود لكتابة الوثائق من جديد التي تنص على وقف الحرب و بناء المستوطنات واستئناف عملية السلام؛ فكل ما حولنا يرغمنا على اقتناء التكنولوجيا الرقمية لمتابعة الصراع القائم على الأرض، واستعمار الحيز المتبقي في الأرواح لتدمير الطاقات الكامنة؛ لكي يفقد الإنسان الشعور بالظلم ويفقد الإيمان بقضاياه المصيرية ووحدته القومية.
أخيرًا نشير إلى أن المجتمع الدولي لم يجد حلولاً سابقة لقضية فلسطين، وحرب سوريا.. جعلوا للقضية الواحدة وجوهًا وأبعادًا متعددة ومتلونة، لا تكف عن إنتاج الفوضى؛ فالكاتب وسط هذا الزحام لا يملك إلا توثيق المواقف المتخاذلة التي تدين صمت الدول العظمى والأمم المتحدة.