يجدد المواطنون في مختلف مناطق المملكة، البيعة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -، في الثالث من ربيع الآخر 1438هـ، الموافق 1 يناير 2017م، وهي البيعة الثانية في تاريخ توليه - أيّده الله - سدّة الحكم في البلاد، كما يجددون البيعة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع - حفظهم الله -، وتعتمد المملكة التوقيت الهجري في تجديد البيعة، حيث شهدت يوم الجمعة 3 ربيع الآخر 1436هـ، 23 يناير 2015 مرحلة مهمة من تاريخ البيعة بمبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ملكاً على البلاد، ومضى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، منذ توليه مقاليد الأمور قدماً بمسيرة الوطن، ولم يأل جهداً في المجالات المختلفة على المستويين الداخلي والخارجي.
البيعة وتميُّز الحكم بالمملكة
ويشكل نظام البيعة واحداً من أهم الأنظمة في المملكة ذات العلاقة بانتقال السلطة، وتُعَد مراسيم البيعة والانتقال السلس للسلطة شاهداً من شواهد تميُّز الحكم في هذه البلاد، وقد تحدث المراقبون باهتمام عن هذا النظام، إذ جاءت مراحل انتقال الحكم وولاية العهد في الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة سلسة وانسيابية وواضحة، ومجمع عليها من أفراد الأُسرة الحاكمة والشعب بجميع أطيافه، بعكس ما يحصل في بعض الدول الأخرى وما يواكب ذلك فيها من اضطرابات وتوتر.
وجرت العادة على أن يختار الملك ولي العهد، إلاّ أنّ التحول في اختيار وليين للعهد حالياً كان تطوراً غير مسبوق في تاريخ الحكم السعودي، ولكنه مسبوق في تاريخ السلالات الإسلامية الحاكمة، وجاء ذلك ليعكس بُعد نظر من الحاكم، واستقراء للمستقبل يعطي الاطمئنان للمواطنين في الداخل والناس في الخارج.
نقطة تحوُّل تاريخية
بعد أقل من أسبوع على توليه الحكم أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أربعة وثلاثين قراراً ملكياً يوم الخميس 9 ربيع الآخر 1436هـ، الموافق 29 يناير 2014م، ، مثّلت نقطة تحوُّل تاريخية تبشر بفجر جديد، وخطوات نوعية حكيمة من القيادة الرشيدة قوبلت بالاستبشار والقبول من الشعب السعودي الكريم، وجاءت ملبية لاحتياجات المملكة، ومنسجمة مع طبيعة التطور والتغير في الظروف الداخلية والخارجية، عكست رؤية ثاقبة وركزت على ضخ دماء جديدة وشابة في الوزارات والمناصب القيادية ذات فكر جديد تحتاجه المرحلة الحالية، في دلالة على عمق تفكير وثاقب بصر لدى متخذ القرار تجسّد في استقراء حقيقي لواقعنا اليوم، وما يمكن أن يكون من تطور مستقبلاً، ضمن المتغيرات التي تعيشها المنطقة من أوضاع بالغة الحساسية وفي وقت حرج، وهو ما يعكس نظرة بعيدة المدى للملك سلمان الذي أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه رجل المرحلة القادمة الذي يعمل بصمت في أصعب الظروف.
وجاء تشكيل الحكومة من الكفاءات الشابة المستنيرة من أصحاب الخبرة العملية التنفيذية، ليترجم السعي نحو القضاء على البيروقراطية التي تعيق الكثير من الإنجازات، ويؤكد العزم على تطوير الأداء الحكومي، كما أن اختيار أصحاب السمو الملكي والمعالي الذين جاءت أسماؤهم في هذه الأوامر لم يأت من فراغ؛ فهم أهل للمسؤولية ويملكون الخبرة والدراية والتجربة التي تمثل حجر الأساس في الاختيار المناسب.
وعكس إلغاء بعض المجالس العليا والهيئات ذات الاختصاصات المتداخلة والصلاحيات غير الواضحة، انتباه القيادة إلى كون القرارات والأنظمة والسياسات تسير بوتيرة بطيئة جداً نتيجة طول الدورة التي يمر بها القرار، وبالتالي فإن إلغاءها وحصرها في مجلسين فقط بعضوية أعضاء مجلس الوزراء، يجعل من آلية اتخاذ القرار أكثر سهولة وسرعة وتركيزاً وقرباً لولي الأمر.
لقد عاصر رجل الدولة الملك سلمان، ملوك هذه البلاد منذ أن أسسها المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وتعلّم من والده وإخوته الملوك إتقان العمل الإداري وهو على دراية كاملة بأدق التفاصيل في الدولة، والشعب السعودي ينعم - ولله الحمد - بقيادة حكيمة سارت على نهج مؤسس هذه البلاد المباركة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود طيب الله ثراه، فكان ملوك هذه البلاد على مر السنين أوفياء لوطنهم وشعبهم وكرسوا جهودهم لخدمة الدين والوطن، وعملوا على إسعاد المواطنين وتوفير سبل الراحة والعيش الرغيد لهم.
واليوم المملكة وهي تعيش عصر الحزم، فإنها أيضاً تعيش عصر الريادة في كافة المجالات التنموية، فهناك العديد من المشاريع التنموية بدأت تؤتي ثمارها، حتى أخذتنا بعيداً عن دول كثيرة كنا نسير إلى جانبها وأصبحت وجهتنا واضحة الطريق باتجاه العالم الأول، إذ الاستثمار في الإنسان السعودي رافقه استثمارات ضخمة في الإنفاق على البنية التحتية وتهيئتها لتكون قاعدة انطلاق تنموي لآلاف الطموحين والرواد من أبناء هذا البلد المعطاء على اختلاف تأهيلهم وطموحاتهم.
جهود الملك سلمان
في نصرة قضايا الأمة
وعلى صعيد السياسة الخارجية للمملكة لا تزال القضية الفلسطينية تحتل محوراً مهماً في سياسة المملكة، ولطالما أكدت المملكة على وجوب احترام قرارات الأمم المتحدة والعهود والمواثيق الدولية، والتصدي للممارسات الإسرائيلية التي تقف في وجه جهود السلام، ولم تقف جهود المملكة عن نصرة قضايا الأمة، بل تواصلت الجهود تلو الجهود في سبيل إخراج الشعب السوري من أزمته التي يوشك عامها الخامس على الرحيل، جراء العمليات العسكرية التي يشنها النظام السوري على هذا الشعب الشقيق، واحتضنت المملكة من أجل ذلك اجتماع المعارضة السورية المعتدلة لإيجاد حل للأزمة وإنهاء معاناة الشعب السوري.
وفي فجر اليوم الخامس من شهر جمادى الآخرة عام 1436هـ، الموافق السادس والعشرين من شهر مارس 2015م، وبرؤية حكيمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، انطلقت عملية عاصفة الحزم بقيادة المملكة العربية السعودية ومشاركة عدد من الدول الشقيقة، استجابة ونصرة للحكومة الشرعية في الجمهورية اليمنية الشقيقة، بعد أن قامت الميليشيات الحوثية بالتعاون مع الرئيس السابق بنقض العهود والاتفاقيات والانقلاب على الحكومة الشرعية، وخاض الجنود المرابطون على الحدود غمار المعارك نصرة للحق والعدل.
وقد أدت هذه المبادرة التي فاجأت العالم بأسره إلى إنقاذ البلاد وشعبها والعالم العربي والإسلامي من خطر داهم أوشك على النَّيل منها من قِبَل عدو تاريخي شرس بيّت نوايا ومخططات عدوانية مقيتة أعدّها منذ زمن بعيد، تستهدف الدين الحنيف واللُّحمة الوطنية والمقدرات؛ ولكن بفضل الله عز وجل تبددت وفشلت هذه المخططات التوسعية الظالمة على يد قائد المسيرة الملك سلمان بن عبد العزيز.
كما أعلن الملك سلمان، حفظه الله، عن تخصيص أكثر من مليار ريال استجابة للاحتياجات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، كما وجّه باتخاذ الإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاع أبناء الجمهورية اليمنية المقيمين في المملكة بطريقة غير نظامية.