«الجزيرة» - هياء الدكان:
نظمت إدارة التوعية الإسلامية بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض الخميس الماضي اللقاء التربوي «النظام والانضباط»، وذلك بحضور القائدات التربويات ومنسوبات إدارة تعليم الرياض مشرفات وإداريات، بالقاعة الكبرى لمركز الملك عبدالعزيز التاريخي وبمعية المساعد للشؤون التعليمية د. نجلاء بنت عبدالرحمن الزامل التي حفزت على الانضباط من خلال كلمة ألقتها وتحدثت عن أهمية النظام وأنه يساعد على تحقيق الأمن والاستقرار وبالتالي تحقق الأهداف والغايات في المؤسسات التعليمية. وانطلاقاً من هذا المضمون التربوي النبوي العظيم قالت د. نجلاء: على كل فردٍ في المجتمع المُسلم أن يُعنى عنايةً خاصةً بمسؤولياته المختلفة تجاه مجتمعه الذي ينتمي إليه، وأن يستشعر أهمية الواجب الملقى عليه في هذا الشأن.
كما تلت مشرفة التوعية الإسلامية بالبديعة إكرام القحطاني آيات من الذكر الحكيم، أعقب ذلك كلمة مديرة إدارة التوعية الإسلامية أ. ماجدة العصلاني رحبت فيها بقيادات التعليم وبجميع الحاضرات وعبرت عن سعادتها بالحضور الكبير لختام فعاليات برنامج (قيمة النظام والانتظام) تحت شعار (قيم ٌتسمو ووطن يعلو) وهو أحد البرامج القيمية التي تطرحها الإدارة العامة للتوعية الإسلامية ضمن مبادراتها في خطته االسنوية والتي تهدف إلى التربية على القيم والأخلاق الإسلامية السامية التي ترتقي بالإنسان في سلوكه وحياته العامة والخاصة. وقد جاء هذا البرنامج ليؤكد تعاليم وتوجيهات ديننا الإسلامي التي حثت على تفعيل هذه القيمة وتحويلها إلى سلوك عملي يمارسه الأفراد في حياتهم اليومية.
وأضافت أ. ماجدة أن البرنامج جاء ليؤكد على النشء أهمية الالتزام بشرع الله وأوامره وإمكانية القيام بأعمال كبيرة في أوقات قليلة، وأهمية ملازمة الجماعة ووقايتها من الاختلاف والفرقة ومراعاة الأولويات، وإن الحكم على أي مجتمع مرهون بمدى التزام أفراده ومؤسساته بالنظام العام وتقيدهم بالقواعد المنظمة لحياتهم، ولا يمكن بغير النظام أن ينال الناس حقاً ولا أن ينعموا بعدل أو يجدوا أمناً أو يشعروا بطمأنينة أو يذوقوا للراحة طعماً.
وتمنت أ. ماجدة أن يحقق هذا البرنامج الأهداف المرجوة وأن يوفق كل مسلم ليكون منظماً في حياته، متقناً في عمله، محسناً في تعامله، وفياً في أخذه وعطائه، لتزكو نفسه وتكتمل ذاتهُ وينشرح صدرهُ ويسعد في حياته. وختمت كلمتها بالشكر لكل من شارك في نشر هذه القيمة وغرسها في النفوس، ولكل من بذل جهداً أو دعماً وحضوراً ولإدارة مركز الملك عبدالعزيز لاستضافتهم مثل هذا اللقاء التربوي، ولإدارة العلاقات العامة بمنطقة الرياض ممثلة في رئيسة القسم النسائي أ. خلود العمار، وفريق العمل على جهودهم الدائمة في مساندة إدارة التوعية الإسلامية.
بعد ذلك قدمت د. ريم الباني الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ورقة عمل تفاعل معها الحاضرات حملت عنوان «سبل السلام نظام وانتظام»، تحدثت فيها عن النظام، فهو الحياة، وهو طريقنا إلى الحياة الهادئة المليئة بالسكينة والكثيرة العطاء والخير التي يعرف أفرادها ما لهم وما عليهم، فالنظام والانتظام سبيل النجاة، وأن الإسلام ينظم الحياة البشرية في مختلف ميادينه االاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية، كما يرسم لها الطريق الصحيح لحل مشكلاتها، ويسعى إلى تنظيم الحياة للإنسان والعنصر الرئيس هو تنظيم الوقت، وأكدت أنه إذا أردنا ديمومة النظام فلنغرس في الجيل أهميته في تنظيم حياتهم العلمية والعملية، ومن أهم صور الانضباط والنظام: الانضباط الذاتي؛ بأن يضبط الإنسان نفسه مع الله فيراقبه في سره وعلانيته، ويعرف أنه يسير في نظام كوني عظيم لا يحيد عنه طائع عابد يعلم أنه لا يتصرف في ملك الله إلا بأمره وعلمه وتدبيره، وإذا تأمل في نفسه وجد فيها عجباً من نظام جسدي وبيولوجي وحسي وعصبي وإدراكي لا يتقدم بعضه عن بعض ولا يتأخر قيد لمح بصر، ولو حصل مثل ذلك لرأيناه لا يتحكم في جهازه العصبي والعضلي، فسبحان منظمه وبارئه. وأضافت: العبد في نظام بكل أموره؛ فيضبط نفسه مع المال، ومع الوقت، ومع الآخرين، تنتظم علاقته بوالديه وبأهله وبزوجه وبولده وبمن لهم حق عليه وبحقوق المسلمين العامة، ولهذا تجد كثيراً منا يضيع عمره، وتفوت أوقاته، وتذهب أمواله وطاقاته بسبب العشوائية التي يعيشها وعدم الانضباط، فأوقاته تهدر لأنه لم يضبطها، ولم يبرمج نفسه ببرنامج منضبط، وماله يتبدد ويذهب في أمور تافهة على حساب احتجاجات مهمة بسبب عدم الضبط المالي، وطاقاته تهدر وإمكاناته تتلاشى بسبب عدم الانضباط، ولذا جاء التوجيه النبوي بقيمة عمره ووقته وماله وعلمه، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَزُولُ قَدَمُ ابْنِ آدَمَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ خَمْسٍ، عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ شَبَابِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ، وَمَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَمَاذَا عَمِلَ فِيمَا عَلِمَ» [الترمذي:2416]، فلينتبه المرء لنفسه، وليضبط أموره كلها؛ فإنه محاسب عن كل شيء، ومسئول عليه يوم القيامة عند لقاء الله -سبحانه وتعالى. كما تناولت د. ريم محور كيف يتحقق النظام داخل المدرسة وأن المدرسة التميزة تكون نتاج عمل دؤوب من قائدة مخلصة ومعلمة ناصحة وطالبة جادة منطلق من شعورنا الدائم بالمسؤولية والأمانة العظيمة «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»، {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}، محفزة القيادات والتربويات ومديرات المدارس خاصة ومنسوبات التعليم بامتثال القدوة، فالطالبة اليوم أصبحت تنتبه لأدق التفاصيل وتنتقد المعلمة وكل من تواجهه، حتى الصغيرات منهن أصبحن أكثر دراية وأعمق انتباهاً، وكذلك يحفز الطالبة على التعامل الطيب والابتسامة والكلمة اللائقة والتصرف السليم معها، فلنبذل جهدنا ولنصبر ولتصبر كل منا في تحمل المسؤولية والأمانة التي عندها ولتبشر - بإذن الله - فكلما أخلصت كان الجزاء عظيماً من الكريم العظيم جل جلاله، إنها أمانة فلنستشعرها ونثق أن النتائج ستكون مثمرة رائعة كروعة عطائكم، والله يضاعف لمن يشاء ويزيد. وأضافت الباني موجهة كلمة من القلب لكل حاضرة: أيا مباركة إنك تحملت أمانة عظيمة وقد تعبدك الله فيها ينظر ماذا تعملين فاحسني وابذلي وجاهدي وضعي يديك بيد المعلمات المخلصات الناصحات، فالمرء قليل بنفسه كثير بإخوانه.
هذا، وعرضت ضمن فقرة نماذج «النظام والانتظام» في المدارس قائدة الثانوية 116 ابتسام سليمان العثمان ورقتها عن تنفيذ برنامج «النظام والانضباط» في الثانوية 116 بطريقة مبتكرة من خلال إدراجها مع مشاريع الطالبات كمتطلب أساسي، وبالتالي تبنت طالباتنا بأنفسهن مناقشة وطرح الموضوعات وتنسيق الدعوات والضيافة داخل مصلى المدرسة وبشكل أسبوعي، فأظهرت الطالبات حماساً وتنافساً واتضح أثره على الميدان -ولله الحمد - كما تناولت الأثر حيث أثمر ذلك بقلة غياب الموظفات وقلة غياب الطالبات.
كما ذكرت العثمان: لقد تميزت لدينا الطالبة أرين النمشان، إذ تأهلت الأسبوع الماضي على مستوى المملكة، حيث حصدت الميداليا الذهبية في الخط والزخرفة الإسلامية، كما اعتدنا تأهل طالباتنا في أولمبياد الإبداع العلمي وتميزت الطالبة المنتسبة للثانوية 116 من جوانب متعددة كالاحتشام والانضباط بشهادة الأمهات مقارنةً بغيرها بفضل الله.
ثم تتابعت النماذج المميزة في النظام والانضباط على مستوى منطقة الرياض قدمتها مسؤولات ومعلمات وطالبات متميزات في العرض والإلقاء والإنشاد والطرح العملي من واقع المدارس بمراحلها الثلاث، والذي اختتم بمشاركة الطالبة دانة الهذال (عوق سمعي)، وتحدثت عن أثر برنامج النظام عليها مع أ. فاطمة الجبر مسؤولة التوعية. بعد ذلك تم التكريم وجولة الحاضرات بالمعرض المنوع المصاحب الذي ينطق بالنظام ويشجع عليه بجهود الطالبات ومسؤولات التوعية ومشرفاته معهن يد بيد.