فهد بن جليد
يُمكنك الانضمام إلى هذه الهجرة التي بدأت فعلياً مُنذ مُنتصف عام 2016م، ولوحظت على عدد كبير من حسابات المُستخدمين على شبكات التواصل، الذين فضلوا الابتعاد إمَّا نتيجة رفض المحتوى، الشعور بالقلق والازعاج، اعتبار ما يحدث مضيعة للوقت..إلخ!
أحدث استطلاع عالمي أجرته «كاسبرسكي لاب» وهي مجموعة دولية تعمل في 20 بلداً عن أمن المعلومات وبرامج التواصل، أكدت خلاله أن 78% من المُستخدمين الآن يفكرون جدياً بالهجرة عن شبكات التواصل الاجتماعي، والعودة إلى الحياة الهادئة بعيداً عن «ضوضاء التقنية»، بل إن أغلبهم قرروا إلغاء حساباتهم على مواقع الشبكات الاجتماعية، ولكنهم يخشون فقدان المحتوى الرقمي لذكريات تربطهم بأصدقاء، وهو ما لن يُغير من قرارهم بترك الشبكات والرحيل عنها نهائياً..إلخ!
علينا أن نحترم رغبة من يريدون العيش بهدوء وسكينة، بعيداً عن فرقعات «وسائل التواصل الاجتماعي» التي تملأ الكون، وألا ننظر إلى هذه الخطوة وكأنّها «رجوع للخلف» كرفض للتقنية والتطور، وربما أنّ قطار العصر والزمن سيطوف هؤلاء، المكاسب التي ستُجني من الابتعاد «الجزئي» على الأقل أكبر بكثير من الخسائر المتوقعة، والتي يخشاها كثير من الناس، نتيجة سيطرتها «شبه التامة» التي جعلت مستوى عدم الانتباه والتيهان الذهني مُرتفعة في مجتمعاتنا اليوم، حتى بتنا بحاجة معرفة المقدار المناسب للتعامل مع هذه الوسائل بالشكل الصحيح، وتقنين هذه العلاقة للبعد عن «الإدمان الإلكتروني» الذي نراه في كل مكان...!
عام 2013 نشرت نيويورك تايمز أول طريقة «لفك الارتباط» بشبكات التواصل، وقالت حينها لتعطيل حسابك على تويتر وقطع صلتك به، فإن الموقع سيحاول «مراضاتك» حتى لا تفعلها، وهو ما يؤكد أن من يغادر هذه المنصات يصعب أن يعود إليها بسهولة، بل إن أول «حرب بشرية «ضد وسائل التواصل الاجتماعي خاضتها زوجة مصرية، عندما وضعت «حبوب المنوم» بشكل يومي لزوجها حتى لا ينشغل عنها بالتصفح طوال الوقت، وكادت أن تقتله لولا تدخل القضاء ..إلخ!
لست ضد العلاقة الرشيدة مع هذه الشبكات، ولكن الهجرة عن صيغتها الحالية نتيجة علاقتنا «المعوجة بها»، المُهدِّرة للوقت، المُشتتة للذهن، المُعيقة للإبداع - برأيي - أنها مطلب إنساني وعائلي وجمالي ووظيفي مُلح، قد تتفق أو تختلف معي, ولكنني أدعوك للتجربة فهي الفيصل بيننا..؟!
وعلى دروب الخير نلتقي .