د. أحمد الفراج
خلال التاريخ السياسي الطويل للولايات المتحدة، كانت العلاقات بين الحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، دوما متأرجحة، فأحيانا يكون هناك نوع من التعاون المقبول، بين الرئيس والكونجرس، وأحيانا تزيد وتيرة هذا التعاون، أما في فترات أخرى، فإنه يكون هناك تنافر ومشاكسات حزبية، تعطل العمل المؤسساتي، الذي يفخر به كل مواطن أمريكي، وقد تضر هذه المناكفات بالمصلحة الأمريكية العليا، وبمصالح الشعب الأمريكي ذاته، والتناغم والتنافر، بين الرئيس والكونجرس، يعتمد على معطيات معينة، يأتي في مقدمتها توزع السلطة، إذ تكون السلطة أحيانا موزعة، أي أن يكون الرئيس من حزب، والكونجرس تحت سيطرة الحزب الآخر، وفي أحيان أخرى، تكون هناك سيطرة كاملة من أحد الحزبين على البيت الأبيض والكونجرس بشقيه، مجلسي النواب والشيوخ، كما يحصل الآن، بعد اكتساح الجمهوريين، وفوزهم بالبيت الأبيض، وسيطرتهم على مجلسي النواب والشيوخ.
وتظل العلاقات الشخصية بين الرئيس والكونجرس أمرا في غاية الأهمية، كمحدد رئيس للتناغم أو التنافر، بين هاتين السلطتين، فلا يمكن أن يقارن تناغم الرئيس، رونالد ريجان، مع الكونجرس، خلال معظم فترات رئاسته، على سبيل المثال، بالتنافر الذي حصل، على مدى سنوات الرئيس، باراك أوباما، وهو تنافر سيذكره التاريخ، وسيتوسع فيه المؤرخون، كما سيظل نقطة سوداء في تاريخ الولايات المتحدة السياسي، ولو كان هذا التنافر بسبب اختلاف المواقف بين السلطتين الأقوى لهان الأمر. هذا، لكنه كان في معظمه نتيجة مواقف شخصية، أو عنصرية، إن شئنا الدقة، تجاه الرئيس أوباما، من بعض أعضاء الكونجرس، الذين استاءوا من وصول رئيس من أصول أفريقية لسدة الرئاسة، وهذا لم يعد سرا، فقد أشبعه المتابعون والمعلقون بحثا وتمحيصا، وجدير بالذكر أن أوباما لاقى حربا عنصرية شعواء، لم يكن غيره ليتحملها، رغم عدم تسليط وسائل الإعلام الضوء على ذلك، كما لاقت زوجته، ميشيل أوباما، وأسرته صنوفا من سوء المعاملة، ولئن كانت العنصرية ضد أوباما، من بعض شرائح الشعب الأمريكي، ومن الإعلام اليميني المتطرف متوقعة، إلا أنها كانت نقطة شديدة السواد، عندما واجهها أوباما، من أعضاء كبار وبارزين في الكونجرس، وهذا ما سنتطرق له بالتفصيل!