سعيد الدحية الزهراني
يكاد يجمع تراث حقل البيئة الاتصالية الإلكترونية الجديدة وجل مصادره العلمية على أن (التفاعلية) هي السمة الأبرز التي وفّرتها الاتصالية الإلكترونية وعاظمتها وتعاظمت من خلالها في آنٍ واحد.. وهي في تقديري نتيجة مغلوطة غاب عنها العقل الناقد حتى باتت مسلّمة من مسلّمات الحقل الاتصالي الإلكتروني الجديد.. ولعل السؤال عن وزن أو قيمة (التفاعلية) حين ننزع عنها أو منها (السرعة) يكشف لنا فداحة التقرير بأن التفاعلية أبرز سمات الحقل الاتصالي..
بيئة الاتصال الإلكتروني الجديد قائمة جملة وتفصيلاً على عامل (السرعة).. وتسخير المعطى الزمني المتمثّل في معامل التسارع اطّراداً وتنامياً متسارعين؛ ظهوراً واستخداماً وخدمات.. يتبين هذا من خلال ملاحظة اشتغال حقل البيئة الاتصالية الإلكترونية الجديدة وتتبع صيرورته.. بدءاً ببرامج المحادثة الكتابية والمنتديات الإلكترونية.. مروراً بمرحلة التدوين والمدونات الشخصية، وانتهاءً بتطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي..
المتفق عليه دون جدال هو القيمة العليا للتفاعلية في البيئة الاتصالية الإلكترونية.. لكنها ستكون مثل الجسد الميت حين تغادره الروح التي تمثّلها السرعة هنا.. فأصل الاتصال الزمن.. ومن هذه اللحظة الفلسفية نستعيد سيرورة الإنسان حين مضى منذ أن وطئت قدماه الأرض لتحقيق غاية الوصل والتواصل والاتصال بسرعة..
اليوم حلّت البيئة الاتصالية الجديدة ومعها خانة حسابية جديدة هي الومضة.. السرعة اليوم لم تعد تُحسب باللحظة أو الثانية.. هذا عمر مديد يبعث على الملل الاتصالي.. اليوم معيار القياس الزمني يقاس بمسطرة الومضة.. ولك أن تتأمل التقنية التي ينهض من خلالها تطبيق إلكتروني بالكامل وهو (أنستقرام) القائم على الصورة التي هي في حقيقة الأمر معطى يُنتج في ومضة ويُستهلك في ومضة.. وهنا نستعيد مساءلة التفاعلية: ما وزن التفاعلية في بيئة الاتصال الإلكتروني فيما لو نزعنا عنها السرعة التي باتت تقاس اليوم بوحدة الومضة وليس اللحظة المملة؟!
* السرعة سمة البيئة الاتصالية الإلكترونية الأبرز على الإطلاق.. وما عداها - بما فيها التفاعلية - يأتي تالياً.