نادية السالمي
أيها الوطني المناضل في سبيل رفعة وطننا
تحية طيبة
أما بعد
إن أيامنا كلها لغة، وأمجادنا قديمها وحديثها مما أفاضت به علينا اللغة، ونحن ممن يعترف بالفضل لأهل الفضل، ولقد اجتهدت فأحسنت، وعملت وأنجزت بإخلاصك لخدمة وطنك ودينك، فأحسنت إلى نفسك ولمن أراد أن يتخذك قدوة، فضربت له أجمل المعاني في التفاني والحرص على بلادك، ويسرني في يومنا الربيعي في عز فصل الشتاء يوم 18 ديسمبر، يوم لغتنا المجيدة، أن أشيد بفضلك وهمتك ونشاطك منذ تعينك في عام 2006م مندوبًا دائمًا للمملكة العربية السعودية في اليونسكو؛ إذ لم تدخر جهدًا إلا وبذلته، ولا قولًا إلا وحسنته؛ فظهرنا للعالم بما يجب أن نظهر عليه من رفعة ورقي.
أنا يا دكتورنا الفاضل سرت في ركب امرئ القيس نحاول «فكرًا» أو نموت فنعذر، وهذا ما يدفعني في يوم لغتنا إلى زراعة سؤال واحد تُغلق عليه علامة الاستفهام باب قلة معرفتي، وتستطيع أن تُضيف عليه علامة تعجب؛ ليصبح على الشكل الآتي:
هل من الممكن أن تقرأ الكلمات التالية، وتميز ما هو عربي نقي وما هو دونه؟!
ولي رجاء واحد إن طال بك عمر، وعرفت علم اليقين ما تعني هذه الكلمات، أن توافينا بالترجمة
1_ «تدوما تانوما ساموليه نوما تنوما تدلما تدلما»
2_ «واعيني اللي تلد خلافها والدرب قدام وتلد يم اليمن وتكثر اللدات شامِ»
الأولى بعض الكلمات الإفريقية التي لا نعرف ماذا تعني، ولا كيف تكتب، وهي مصاحبة لرقصة المزمار المدرجة في قائمة التراث غير المادي كفلكلور يخص الحجاز في اليونسكو. والثانية تستطيع أنت كعربي فهم معانيها وهي مصاحبة لرقصة المجرور.
ولعمري ما انطلق كتابي عن انتقاص أرجوه لك، ولا عن بغض للفن والطرب، ولا عن سوء أدب لمن يشاركوننا الوطن، إنما هي شهادة للتأريخ، وأداء للأمانة.
يا سيدي الفاضل، أهل الحجاز زوجوا بناتهم لحافظ القرآن دون أن ينظروا إلى أصله وفصله باكستانيًا أو إفريقيًا، ولن يعجزهم الاعتراف بالمزمار كمورث للحجاز، ولن ينحدروا للانتقاص ممن قاسموهم هوى الحجاز والجواز الأخضر، ونحن على درب آبائنا مقتفون، والحري بك أن تعرفه أنهم كانوا - وما زالوا - لا يزوجون راقص المزمار لو كان من أنفس الرجال، هم لا يرون في راقصه المحترف والراكض خلف إيقاعه إلا شكلاً من أشكال ما يعرف اليوم «بالدرباوية» الذين يستعرضون فتواتهم، وإن ظهر المزمار اليوم بكلمات مفهومة ولائقة فهذا تحسين أدخلوه عليه؛ ليتوافق مع قيم المجتمع، وكان خليقًا بك وأنت الوطني المناضل توثيق موروث الحجاز المتفق عليه قبل توثيق ما عليه الاختلاف، وأسباب الاختلاف بت تعرفها وأرجو أن تعلقها على مشجب العنصرية، ثم أي ملف هذا المقدم لليونسكو وقد تعذر فيه وجود اسم واحد من أسماء أهل الخبرة في الموروث الشعبي من قبائل الحجاز، بينما تربعت فيه شهادة طفل، يبلغ من العمر 11 عامًا، فمن يقبل بشهادة هذا البرعم في موروث الحجاز؟!
أوَ تعتقد أنك سكنت غضب الحجاز بأن المجرور والخبيتي .. إلخ سيأتي دورها في التوثيق كهوية للحجاز؟!
فاعلم - رحمك الله - أن عذرك لا يرتق الجرح إلا بجرح؛ لهذا خولتُ نفسي للاعتذار عنك بأنك جواد، و»لكل جواد كبوة».
أرجو لك الخير حيثما وليت وجهك لخدمة الوطن..
وشكرًا ليس لها حد.