علي الخزيم
وقف اللاعب الدولي الغربي الخلوق أمام المسؤولين في أمسية رياضية بالرياض يتم خلالها تكريم عدد ممَّن أبْلَوا بلاءً حسناً في منافسات الموسم الرياضية، وأول جملة قالها اللاعب المهذب (السلام عليكم) فانقسمت القاعة التي تضم رعاة الحفل من المسؤولين، والمدعوين والحضور والمُنظِّمين إلى فئات ثلاث، الأولى ردَّت السلام باحترام متبادل، والثانية صفقت للّاعب تقديراً لمبادرته بالسلام وباللغة العربية، أما الثالثة فرفعت عقيرتها بالقهقهة والضحك السامج؛ ضحك جاء بغير مكانه ووقته، سماجة تنبئ عن ضحالة بفكر أولئك (المقهقهين) لمجرد أن اللاعب قد رفع قدرهم عنده باستخدام لغتهم وتحيتهم بتحية دينهم الإسلام، فقابلوها بجهالة تُفَسِّر عدم الوعي باستيعاب الموقف وادراك الحكمة من اعتزاز المرء بلغته.
وقصة الشابَّة الكورية التي تعلَّمت اللغة العربية بإحدى الكليات المتخصصة ببلادها، وقد أفصحت إعلامياً مبدية دهشتها من أنها إذا تحدَّثَتْ (لبعض العرب) بلغتهم يضحكون، وتتساءل أليست لغتهم؛ مالعيب المضحك فيها؟!
لقاءات أجراها برنامج مُتلفز كان يناقش (قضية) التحدث بالفصحى؛ التقى أثناءها وبمواقع متعددة مختلفة بأفراد من الجنسين كعابري السبيل ومن يمارسون رياضة المشي بالممشى، وفي أحد الأسواق الكبرى، وكان المقدم والمقدمة يسألونهم بالفصحى مثلاً: عن الساعة، أو عن أقرب صيدلية أو أقرب مطعم متخصص بطعام معين، إلى غير ذلك من الأسئلة التي يُقْصَد منها رصد ردود الأفعال لديهم، فظهرت النتائج مُعيبة وفاضحة تتلخص بالضحك من طريقتهما بالكلام الفصيح، ومنهم من تلعثم ولم يجب أو استهزأ بهما، وبعضهم من تذاكى كثيراً لاعتقاده أنها الكاميرا الخفية، وصحة الكلمة عند العرب (القُمْرَة) وتأصيلها عربي علمي بَصَرِيّ.
وكنت قد رويت قصة الأكاديمي المتخصص الذي تحدث أمام ندوة تُعنى بالاهتمام بلغتنا الجميلة وضرورة غرس حبها بنفوس الأطفال؛ وعندما انتهت مداخلته ختمها شاكراً الحضور بالكلمة الفرنسية (ميرسي)!
وأشير لحديث وزير التعليم الدكتور العيسى (نشرته الجزيرة) أعقاب مشاركته باحتفال الوزارة بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية؛ إذ قال: يأتي احتفاء الوزارة بالمناسبة ضمن شعار (تعزيز انتشار اللغة العربية) كنتيجة طبيعية لاعتزازنا بهويتنا العربية، وإيمانا بثوابتنا الوطنية الغالية وإسهاما بالمحافظة عليها وتعزيز انتشارها، والى تأكيد د. محمد الحارثي وكيل الوزارة للمناهج والبرامج التربوية على بالغ المسؤولية تجاه لغة القرآن الكريم وأننا معنيون بإعادة الاعتبار إليها بالحرص على دراستها وفهمها والتمكّن منها ومنحها الأولوية في محادثاتنا وكتاباتنا ومعاملاتنا.
ما دام الأمر كذلك فثمة مُقترح ودعوة لإلزام المعلمين للتحدث بالفصحى، ولعل من المناسب تحديد جمل وتراكيب لغوية تُنفَّذ تدرجاً من لدن الجهة المختصة بالوزارة وإبلاغها رسمياً للمعلمين للتحدث بها وتعويد التلاميذ عليها، منعاً لوقوع بعض المعلمين غير المتمكنين بأخطاء لغوية تشوه ذائقة الصغار والناشئة، كما ينتظر من هيئة الرياضة إصدار تعليمات للمعلقين على اللقاءات الرياضية الجماهيرية للتحدث والتعليق بالفصحى بقدر المستطاع، والأمر نفسه يُفترض أن يطبق بالقنوات الإعلامية المرئية والمسموعة (إذاعة وتلفزة) لتكون برامجها الحوارية بالفصحى بقدر المستطاع، كمحاولات جادة لتأسيس جيل يعشق لغته ويعتز بها ويتعلق بجمالياتها.