موضي الزهراني
لا يخفى علينا جميعاً ردود الفعل الإيجابية عندما كشف الستار عن التوجه الوطني الاقتصادي الجديد من حيث إلغاء وتعديل البدلات وبعض الميزات الوظيفية التي تمنح للموظفين المدنيين والعسكريين وغير السعوديين في مختلف الأجهزة الحكومية، فهذا التعديل بلا شك كان له مردوده الإيجابي الكبير ليس على الاقتصاد الوطني فقط، خاصة أن هناك الكثير من البدلات والمميزات قد تُصرف بدون وجه حق! بل امتدّ ذلك حتى إلى نسبة الوعي الاستهلاكي اليومي لدى المواطنين الذين بدأوا يرسمون خططاً عاجلة للأولويات المهمة في حياتهم، ويفيقون من غفوة اللامبالاة المالية التي تسببت في بعثرتهم لرواتبهم الشهرية بدون تخطيط للضرورات من أجل تأمين مستقبلهم ومستقبل أبنائهم! ويكفينا شاهداً على ذلك أن ثلث رواتب الموظفين تستقطع بسبب الإيجارات، وأن أغلبية المواطنين لا يمتلكون مساكن خاصة بهم ! وهذا بلا شك مرتبط بعدم الوعي الاستهلاكي والإسراف المبالغ فيه في مناسباتنا وفي الحفلات الخاصة والرسمية، إلى جانب قلة الوعي بكيفية التخطيط للمستقبل حيث «لا وعي تخطيطيا» إلا ما ندر لدى القلة من المواطنين، والذي سيتلاشى بلا شك خلال السنوات القادمة بعد التعديلات المالية الضابطة لكل بعثرة بسبب اللاوعي المالي الظاهر على مستوى السطح العام ولكن نحن بحاجة لتفعيل ضوابط أخرى من نوع هام وحساس في حياتنا، وهي الضوابط الأخلاقية التي لها دوركبير في الحد من الفوضى السلوكية في الجامعات والدوائر الحكومية وفي الأسواق، والأماكن العامة، والمدارس كذلك، ولا يعني هذا افتقادنا للأنظمة القانونية المشتملة على العقوبات والجزاءات، وأنظمة الحماية الأسرية، بل -ولله الحمد- نحن بلد الإسلام والسلام متمسكون بتطبيق شريعتنا الإسلامية، ونظام الحكم السائد تشتمل مواده على تنظيم أخلاقي واجتماعي وأسري شامل، إلا أن الوعي لدينا مازال متوسطاً تجاه الحقوق والواجبات بالرغم من تعدد الأنظمة ووضوحها وشموليتها! مما يؤكد بأهمية التوعية والتثقيف الحقوقي والقانوني بما هو لك، وما هو عليك من واجبات! فالجيل الجديد من الجنسين أصبح للأسف متطلباً، مع محدودية عطائه سوى على المستوى الشخصي أو الاجتماعي أو العلمي! وهذا مما يربك العلاقة الطبيعية خلال المنظومة الاجتماعية والاقتصادية الوطنية! وهذا الإرباك سيسيء للُمخرجات الأسرية والعلمية والأخلاقية التي اهتمت بها رؤية 2030م للكيان الاجتماعي الوطني، إلا إذا تمعالجة هذه الاضطرابات السلوكية والأخلاقية خلال هذه السنوات وبأسرع وقت ممكن، وذلك من خلال الاهتمام بحملات التوعية الحقوقية وتشديد العقوبات في حال الإخلال والاستهتار بحقوق الآخرين! لذلك كل وعي ننشده وذو أثر إيجابي على التحول الوطني لن يتحقق إلا بالاهتمام القوي بالوعي الأخلاقي الذي لا ينافسه أي وعي!