الأخذ من اللحية
* ما حكم الأخذ من اللحية؟ وهل يستدل بقول ابن عمر -رضي الله عنهما- في ذلك؟
- الأصل هو توفير اللحية، وقد وجاء في وصف النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه كان كث اللحية [النسائي: 5232]، وكانت تعرف قراءته من خلفه باضطراب لحيته [البخاري: 746]، وجاء الأمر بتوفيرها وإعفائها [البخاري: 5892]، فهذا هو الأصل في المسألة، وعارض بعضهم هذا الأصل بما ثبت عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة في النسك [البخاري: 5892]، ولكن المرفوع لا يعارَض بالموقوف، فهذا اجتهاد من ابن عمر -رضي الله عنهما-، ومعوله في اجتهاده هذا تأويل آية الفتح: {مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27]، فيرى أن الواو للجمع وأنه يجمع بين الحلق والتقصير، فإذا حلق رأسه فماذا يبقى للتقصير؟ ما بقي إلا اللحية، فهو يجمع بين الحلق والتقصير، مع أن عامة أهل العلم على أن الواو هنا للتخيير بمعنى (أو).
إسبال الثوب
* أرجو منكم إفادتي في الحكم الشرعي في إسبال الثوب؟
- الإسبال محرم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار» [البخاري: 5787] فهذا وعيد شديد، فإن قارنته الخيلاء فمن جر إزاره خيلاء لا ينظر الله إليه ولا يكلمه وله في الآخرة عذاب عظيم، فهذا أشد، فإذا كان بخيلاء فأمره أعظم وإن كان بدون خيلاء فوعيده بالنار يدل على تحريم ذلك بل جَعْلِه من الكبائر، وأكبر منه إذا كان مقرونًا بالخيلاء.
وفي مثل هذه الصورة لا يُحمل المطلق على المقيد، فالمطلق قوله -صلى الله عليه وسلم- «ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار»، والمقيد قوله -عليه الصلاة والسلام-: «من جر ثوبه خيلاء، لم ينظر الله إليه يوم القيامة» [البخاري: 3665]، وللاختلاف في الحكم والسبب لا يُحمل المطلق على المقيد بالاتفاق في هذه القاعدة: إذا اختلفا في الحكم والسبب، وإن وجد من أهل العلم من يحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، لكنه خلاف ما قعده أهل العلم؛ للاختلاف في الحكم والسبب، فالسبب في الوعيد الشديد: الإسبال مع الخيلاء، والسبب في الوعيد الذي هو أقل منه وهو التوعد بالنار: هذا لمجرد نزول الإزار عن الكعبين، وإذا طبَّقنا القاعدة فالحكم مختلف والسبب مختلف، إذن لا يُحمل المطلق على المقيد في هذه الصورة، والله أعلم.
- يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء