سامى اليوسف
صارت «روح الاتحاد» وقتالية لاعبيه مضرباً للمثل عند مشجعي الفرق التي تعاني من سلبية، وتبلد إحساس لاعبيها.
منذ إطلاق الحكم صافرة النهاية في مباراة الغريمين التقليديين الاتحاد والأهلي، وأنت تقرأ كلمة «الروح» كثيرًا في مواقع التواصل الاجتماعي قاطبة، الكل يثني على لاعبي العميد وأن «روحهم» كانت وراء فوزهم المستحق، وتأهلهم للنهائي، وحل عقدة الفوز على الأهلي.
الروح في ملاعب كرة القدم تعني القتالية، الإصرار على تحقيق الفوز، الرغبة القوية، الإيمان في تحقيق الانتصار حتى الدقيقة الأخيرة مهما بلغت قوة، وامكانات، وشعبية الفريق المقابل، وصعوبة الظروف المحيطة.
ويعزز من فاعلية هذه الروح المجهود البدني المبذول على مدار الشوطين، والانضباط الذي يعني الالتزام بالتكتيك الذي رسمه المدرب.
يتسامى اللاعب المقاتل على كل ظروفه النفسية، والمادية، وحتى الصحية أحياناً، فيتحامل على إصابته، أو تأخر مستحقاته على سبيل المثال، من أجل هدفه المنشود لإرضاء ذاته أولاً، وهذه من صفة الناجحين الذين يرفضون الفشل أو الاستسلام، وتقديرًا للمدرج الذي يهتف باسمه، وتضحيةً للقميص الذي يرتديه.
وسجلات كرة القدم عامرة بقصص المقاتلين من اللاعبين، أذكر منها « محلياً « ما سبق وأن سمعته من «إمبراطور» الدفاع السعودي، قائد الهلال، وكابتن العرب، صالح النعيمة» في الملعب أنسى كل آلامي من أجل الهلال وجمهوره، وبعد المباراة لا يعاني معي الآلام سوى زوجتي أم فهد»، هل يدرك الجمهور معاناة اللاعب المقاتل بسبب كدمات أو إصابات عندما يغادر الملعب، والثمن الذي تم دفعه من أجل أن يخرج فرحاً منتشياً بفوز ثمين وغال صنعه لاعبه الذي تنهشه الآلام وحيدًا مع ذويه في المنزل، هذا مثال لجيل ذهبي من الصعب تكراره ، لكن لاعبي العميد يقدمون بعضاً من حكاياته اليوم في الملعب، اللافت أن أجانب الاتحاد ومنهم الثنائي المصري كهربا، والكويتي الأنصاري تغلغلت في أنفسهم ذات الروح على الرغم من قصر فترة لعبهم، وصاروا يحرثون الملعب من أجل إسعاد مدرج الاتحاد.
الروح شعور أساسه التفكير الايجابي، يبدأ بثورة داخلية تغذيها، وتذكيها النفس الايجابية الطموحة المتطلعة للانتصار، والعاشقة للنجاح، وتحقيق الذات التي تشعر بالمسؤولية تجاه الأحباء والأنصار لتذيب الرغبات الشخصية وتصهرها في روح وأهداف روح الفريق الواحد، هنا يصبح الجميع روحاً واحدة.. هذه هي البيئة الطاردة للأنا المتضخمة في نفوس بعض اللاعبين، أو تلك المزاجية التي تحرق الشعور الإيجابي، وتقتل الطموح، وتصيب المدرج بالخيبة.
أتمنى أن تستعين الأندية وبعض مسؤولي الفرق الكروية التي يفتقر لاعبوها للروح القتالية بالمتخصصين في تنمية وتطوير الذات، فكم من لاعب كان مزاجياً، سلبياً تحول إلى إيجابياً منتشياً بروح المسؤولية والقيادة، وكم من لاعب لايثق بقدراته تغير إلى الأفضل وصار مصدر ثقة وإلهام لفريقه.
وصدق الله العظيم القائل في محكم تنزيله: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.