محمد آل الشيخ
يكاد يجمع السعوديون بمختلف فئاتهم، عدا المتأسلمين طبعا، أن التعليم السعودي كان مختطفا لعقود خلت، من التيارات المتأخونة، التي كانت عقبة كأداء في طريق التنمية الشاملة، خاصة وأن التنمية تتطلب أولا إصلاح التعليم وتقويم ركنيه الأهم (المقررات الدراسية والكوادر التعليمية)؛ وكنا، قد احتفلنا بتعيين الدكتور «أحمد العيسى» وزيرا للتعليم، من منطلق كتابه (إصلاح التعليم في السعودية بين غياب الرؤية السياسية وتوجس الثقافة الدينية وعجز الإدارة التربوية) الذي كان جريئا وواقعيا وموضوعيا، عن التعليم في المملكة، الآن مضى على تعيينه قرابة السنة أو تزيد، وما زالت معضلة التعليم بلا حل فليس ثمة ما يطمئن أن خطوات مبدئية من شأنها أن تنقذ هذا الجهاز من مآسيه, وعلله.
مؤتمر دافوس الاقتصادي أصدر مؤخرا تقييما لأوضاع التعليم في العالم، وقد جاءت قطر في المرتبة الأولى عربيا، والمرتبة الرابعة دوليا، بعدها دولة الإمارات، في حين أن ترتيب المملكة كان في المرتبة (الرابعة والخمسين). هذا الترتيب المتأخر حتى عن دول الخليج، هو بكل المقاييس ترتيبا معيبا، ولا يتناسب إطلاقا مع الميزانيات المالية الضخمة التي توفرها الدولة لقطاع التعليم، بشقيه العام والعالي؛ ما يجعل العلة تتمحور بواعثها في القائمين على التعليم.
ولا أعتقد أن قطاعا تنمويا تعرض للنقد مثل هذا القطاع، غير أن القائمين عليه تاريخيا قد تعودوا أن يضربوا عرض الحائط بكل الانتقادات التي مضى عليها الآن قرابة العقد والنصف، ومازالت علل التعليم تتكرر سنة بعد أخرى، وكأن هناك من يتقصد ولأسباب (أيديولوجية) أن تبقى الأوضاع التعليمية كما هي عليه.
ونحن الآن نعيش في مرحلة تنموية، يؤمل عليها القادة قبل المواطنين، آمالا كبارا، وهي ما تضمنته الرؤية (20 - 30)، وهنا لا بد من القول إن هذه الخطة الطموحة لا يمكن أن تؤتي ثمارها إلا بتعليم قادر على صناعة الإنسان المتمكن من التعامل معها بحيوية وفاعلية، فهي بمثابة الأساس الذي ترتكز عليه أي عملية تنموية، فلا تنمية حقيقية دونما تعليم.
ومن الأسس التي أطلقتها الدولة حينما أطلقت هذه الرؤية قضية الشفافية التي تتطلب أول ما تتطلب أن يكون هناك حوار شفاف بين المسؤول والمواطن، وهذا الحوار يجب أن يكون بشكل دائم ومتواصل، غير أن الوزير العيسى - على ما يبدو - لا قيمة في قواميسه للشفافية، كما أنه لم يُعين حسب علمي له نوابا لا في الشق المتعلق بالتعليم الذكوري ولا التعليم النسائي ولا التعليم العالي، ويستحيل أن يضطلع بتنفيذ مسؤولياته بكفاءة دونما مساعدين له.
والسؤال الذي أضعه أمام نظر وزير التعليم الدكتور أحمد العيسى؛ ما الذي وجدته على أرض الواقع يختلف مع النظريات التي ضمنتها في كتابك عن التعليم قبل أن تكون وزيرا؛ وأرجوا ألا (يطنش) معاليه سؤالي، كي نفعل الشفافية التي وعدنا بتفعيلها سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.
إلى اللقاء