«الجزيرة» - علي بلال:
أطلقت المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر نداء استغاثة عاجل عقب وجود وفد عربي رفيع المستوى يمثل المنظمة دعت فيه المشاركين من المنظمات الإغاثية العاملة في الداخل السوري والمنظمات الإغاثية الموجودة في «غازي عنتاب» التركية وكذلك الجمعيات الوطنية القادرة والمنظمات الدولية إلى التحرك العاجل والسريع نحو التخفيف من آثار الكارثة الإنسانية التي تحل بالأشقاء السوريين وتفاقمها مع حلول فصل الشتاء القارس وتساقط الثلوج وذلك بالتنسيق مع الهلال الأحمر التركي الذي أبدى استعداده للعمل الإنساني الجاد لتولي تنسيق تسليم المساعدات داخل مخيمات اللجوء «يداً بيد» أو من خلال بعض الجمعيات الوطنية الخليجية العاملة حالياً هناك.
وثمن الوفد العربي الاستجابة السريعة من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ على أمره الكريم بتنظيم حملة شعبية في جميع مناطق المملكة لإغاثة الشعب السوري الشقيق، وكذلك توجيهه ـ حفظه الله ـ بتخصيص مبلغ مائة مليون ريال لهذه الحملة، وأن يتولى مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية هذه الحملة بالتنسيق مع الجهات المعنية، فيما أكد الوفد سعادة الأشقاء اللاجئين عند سماعهم إطلاق هذه الحملة التي أعادت إليهم الكثير من الأمل والسعادة. فيما رفعوا خالص تقديرهم لحكومة خادم الحرمين الشريفين على هذا الوفاء مع الأشقاء، وعلى هذا الاهتمام بهم منذ بدء فتيل الأزمة قبل ست سنوات.
وفي ذات السياق، أطلع وفد المنظمة على الجهود الإغاثية الحديثة التي ينفذها بكل اقتدار رغم اتساع المساحة والحاجة كل من الهلال الأحمر القطري والهلال الأحمر الكويتي في صورة واقعية جداً للعمل الإغاثي الذي يبدأ بالمنحة والدعم وينتهي بالمستفيد ضمن آلية تنسيق فاعل يضرب به المثل وأساليب عمل مشتركة ما زالت تواصل عملها للأشقاء اللاجئين، مشيداً بانضمام الهلال الأحمر التركي لهذا التنسيق بتسيير ما يقارب من عشرين شاحنة إغاثية إلى مناطق مخيمات الأشقاء السوريين، فيما نوه أيضاً بإجراء الدكتور هلال الساير رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر الكويتي عملية جراحية لطفل سوري لاجئ في تركيا ببلدة الريحانية المتاخمة للحدود السورية، ودعم جهود مستشفى الأمل في تركيا لمدة أربعة أشهر والذي يعد أول المشافي المتكاملة على الشريط الحدودي السوري التركي لعلاج اللاجئين السوريين. كما أشار إلى الجهود الحثيثة التي يبذلها اتحاد رعاية الأيتام في تركيا على الرغم بأن مأساتهم أكبر من أن تحيط بهم اتحاد واحد أو جمعية منفردة. وثمن الوفد الإغاثي العربي الحراك الإغاثي الذي لمست آثاره المعتمدة على توحيد الجهود الإنسانية التي ما تزال المنظمة تدعو إليها في ظل تفاقم الأزمة الحالية.
ونقل وفد المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر وقائع مأساوية تناسلت في الفترة الأخيرة، حيث دعت إلى تقديم الإغاثة العاجلة لآلاف من الأسر السورية التي تصل من حلب تباعاً أو تلك التي تفترش حالياً الأرض وتلتحف السماء لا غطاء ولا دواء ولا لَبْس ولا غذاء ولا حتى الأحذية التي تخفف عنهم قساوة الجو وبرودته «وتحتفظ المنظمة العربية بمعلومات عن أماكن تلك العائلات التي تعيش أوضاعاً مأساوية في أجواء شديدة البرودة « فيما تؤكد الظروف حاجة تلك الأسر إلى فرش وبطانيات وألبسة شتوية وطعام وغذاء وكساء، وهو ذات الحال الذي أطلع عليه وفد المنظمة من حاجة بعض الأفران مثل «تل حجر» لتأمين مادة الطحين لصناعة الخبز، وكذلك حاجة «جرابلس» و»الزيادية» إلى تنفيذ مشروعي أفران عاجلة لتأمين الخبز لهؤلاء اللاجئين.
كما التقى وفد المنظمة إثر زيارات متعددة لعدد من ملاجئ الأيتام أيضاً على الأراضي المحاذية للشمال السوري بالأيتام من أبناء مختلف المحافظات السورية التي تبذل معهم تلك الملاجئ والدور مشكورة وحسب قدرتهم المتواضعة كل الجهود والمساعي للعناية بهؤلاء الأطفال الذين حملوا معهم صوراً بشعة من آثار الحرب، حاملين معهم آلاماً ومعاناة من هول القصف الذي شاهدوه وما زالت تفاصيله تدور في مخيلة كل طفل منهم.
وحملت تجمعات هؤلاء الأطفال الإحساس المشترك والأمل موجهين رسالة لكافة المنظمات الدولية والجمعيات المهتمة بالطفولة بأنهم «الخاسر الوحيد في هذه الحرب» وهم جزء من هذا الشعب المكلوم الذي عاش وما يزال البعض الآخر منه يعيش بين رصاص السلاح وفترة تحت البراميل المتفجرة، وأبدوا رغبتهم في تعليم نظامي يعيد لهم الأمل في الحياة. فيما نقل بعض الأطفال في حديثهم المآسي التي ما زالوا يتذكرونها من صور جثث أصدقائهم تحت ركام الأنقاض، وآخرين ماتوا في المستشفيات أو في طريق هروبهم في كارثة إنسانية لم يشهدها التاريخ الإنساني الحديث من فضاعتها وهولها، كما أكدوا أن العديد من أقرانهم قتلوا بوحشية أو تم تجنيدهم واختطفوا من المدارس، وقالوا: «تم حرماننا من المساعدات» ولذلك فضلنا النزوح مع العوائل النازحة هرباً من جحيم الموت.
وحذر وفد المنظمة من تفاقم وضع الأطفال السوريين بخاصة وكذلك العوائل اللاجئة حديثاً الذين لم يجدوا الرعاية والعناية الكافية، وفي ظل بقاء عدد كبير منهم تحت ظروف الحرب القاهرة، مشيراً إلى أن (6) ملايين طفل سوري في حاجة إلى المساعدة الإنسانية العاجلة، بينهم (مليونين) بمناطق يصعب الوصول إليها، فيما يقع (نصف مليون) طفل تحت الحصار منذ بضعة أعوام وذلك وفقا لما أشارت إليه مؤخراً منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسيف».
يذكر أن المنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر كانت قد عقدت ملتقى تنسيقي أولي للجهود الإغاثية والأعمال الإنسانية للاجئين السوريين للعديد من المنظمات الإغاثية العاملة على الساحة الإنسانية بحضور الهلال الأحمر التركي والهلال الأحمر الكويتي والهلال الأحمر القطري بمقر الأخير في «غازي عنتاب» التركية والذي توصل من ضمن ما توصل إليه من نتائج مثمرة إلى إنشاء «منصة إلكترونية إغاثية» تجمع الجمعيات الوطنية والمنظمات الإنسانية العاملة حالياً لخدمة اللاجئين السوريين في تركيا بهدف تنسيق العمليات الإغاثية وبخاصة عمليات إيواء اللاجئين السوريين في تركيا، وهو ما أيده الهلال الأحمر التركي وبدأ على أرض الواقع بتفعيل هذه التوصية.