جاسر عبدالعزيز الجاسر
أكملت سلطنة عمان طوق الحصن الإسلامي المواجه للإرهاب، فالدول الإسلامية التي تضامنت وشكلت تحالفًا إسلاميًا عسكريًا لمكافحة الإرهاب تكونت من أربعين دولة إسلامية دعمت المملكة العربية السعودية في إنشائه وقوبل بتأييد ومسارعة من جميع الدول الإسلامية وفي مقدمتها باكستان وتركيا ومصر وماليزيا ودول الخليج العربية، وقتها استغرب الجميع عدم وجود سلطنة عمان في هذا التحالف إلا أن الجميع لم يعلموا بأن الأنظمة في السلطنة تمنع الانضواء في التحالفات العسكرية غير تلك التي تضم دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية وأن المعلومات التي وردت من السلطنة في وقتها قد ذكرت بأن المسؤولين فيها سينظرون في تعديل تلك الأنظمة التي ستسمح لهم بالاشتراك في التحالف الإسلامي العسكري خاصة أنه يضم جميع دول مجلس التعاون وتخلف السلطنة عن هذا التحالف سيثير التساؤلات وفعلاً تم دراسة تعديل أو إضافة ما يسمح للسلطنة الالتحاق بهذا التحالف ويرى عديد من المحللين السياسيين والعسكريين المهتمين بشؤون المنطقة أن انضمام سلطنة عمان سيشكل تغيرًا في الخريطة الجيوسياسية للمنطقة ويعزز الوحدة المصيرية للدول الإسلامية التي تعمل بجدية لمكافحة الإرهاب وتتصدى للقوى والأنظمة التي تغذي الجماعات الإرهابية وبالذات التي تعتمد على الشحن الطائفي.
واتخاذ سلطنة عمان لهذه الخطوة المهمة تكتسب أهمية مضاعفة لما عرف عن السلطان قابوس وحكومته تأنيها في اتخاذ المواقف خاصة التي تظهر توجهًا جديدًا، فالدراسة والالتزام في اتخاذ المواقف السياسية والعسكرية والأمنية في سلطنة عمان لا يتم إلا بعد دراسة متأنية وعميقة لكل جوانب القضية المراد اتخاذ موقف بشأنها ومهما كانت تلك الجوانب بسيطة ويراها البعض غير مهمة، يهتم العمانيون بدراسته بعمق ومدى ما تحققه من تأثيرات إيجابية وما يقابلها من سلبيات، ولقد وجد العمانيون وبعد دراسة متأنية أن الالتحاق بركب الحلف الإسلامي عسكريًا سيحقق للسلطنة إيجابيات عديدة منها الاستفادة من نظام تبادل المعلومات الأمنية والعسكرية في مجال مكافحة الإرهاب وتعزيز أمن المنطقة وأمن سلطنة عمان التي تعد إحدى النقاط المهمة عسكريًا وأمنيًا في المنطقة، كما عزز توجه السلطنة للانضمام للحلف الإسلامي العسكري، هو عدم تجاوب دول وأنظمة تحوط بسياساتها وتحركاتها الكثير من الشكوك التي تكاد تكون مؤكدة في دعمها لجماعات ومليشيات الإرهاب، وعلى الرغم من إبداء السلطنة جهودًا ومحاولات للحد من تصرفات تلك الدول والأنظمة إلا أنها اصطدمت بعدم تعاونها مما أوجد لدى المسؤولين في سلطنة عمان قناعة بعدم جدية أو فائدة التعاون معهم، والتوجه كليًا للعمل مع الصادقين الذين يعملون بجد لمكافحة الإرهاب وهو ما أقدمت عليه سلطنة عمان بالالتحاق بالتحالف الإسلامي العسكري ليرتفع لهذا التحالف إلى واحد وأربعين دولة، ويعزز وحدة وتماسك دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية النواة الصلبة للتحالف الإسلامي العسكري.