ذات مساء شاحب.. تلقيت خبر رحيل الدكتور إبراهيم بن محمد الزيد وكيل إمارة الباحة والمحاضر في جامعة الملك عبد العزيز بجدة.. بعد رقاد مع المرض لإحدى عشرة سنة مضت..

رحم الله ذلك الإنسان.. والإداري.. والشاعر.. والأديب.. ولقد نعاه في تلكم الصحيفة قبل أيام شقيقه الدكتور عبد الله بن محمد الزيد.. مدير التعليم بالمنطقة الغربية (سابقاً).. فاستحثني أن أشاركه النعي والبكاء بأحرف وقوافٍ..

فرحيل مثل أبي خالد خسارة ووجع لنا جميع.. لكنما هي سنّة الله في خلقه.. والأعمار لها ميقات..

يقول ((أبو نجم)) الدكتور عبد الله الزيد في مرثيته تلك:

أنا إن بكيتك فقد بكيت الغالي

أنت النفيس المفتدى يا غالي

قد عشت دهراً.. فيك أبقي قدوتي

لا يشترى فيك المثال بمال

نعم يا أبا نجم.. هي تلك الحقيقة.. ولا ألومك إن بكت قوافيك..

تذكرت صباي عندما كنت ألهث خلف الدواوين الشعرية شغوفاً بقراءتها.. تلقفت ديوان الدكتور إبراهيم ((المحراب المهجور)).. أيامها كنت أركض في ردوهات المكتبات.. وأذكر أنني في إحدى زياراتي لدولة البحرين قد مررت على مكتبة في شارع المعارض بالمنامة، ووقع عيني على ديوان للدكتور حمد بن زيد الزيد ((أبو حاتم)) بعنوان ((ديواني)) فخطفته بثمن.. وأخبرت بذلك أبا حاتم الذي عاجلني بإهدائه لمجموعة إصداراته آنذاك.. ووعدني بالمزيد.. فتعطل الإرسال.. إني أعشق ما يقوله شعراء آل زيد أبناء عمومتي الأجلاء أهل الشعر والأدب منذ الآباء (رحمهم الله).

وأعود إلى الدكتور إبراهيم (رحمه الله) حيث تابعت إصداراته الواحد تلو الآخر من خلال جريدة البلاد والندوة وعكاظ.. أيام مرحلة الشباب.. والآن يرحل هذا الشاعر والإداري القدير بكل هدوء.. فتعود بنا الذكريات وتعطي العين راحة لتسبل الأدمعا !!..

رحمك الله يا أبا خالد..

والآن ليس بوسعي إلا أن أكفكف بقصيدي أدمعي..

((ذرف القصيد))

ذرف القصيد دموعه المتهادي

وبكى اليراع تزحزح الأمجاد

بكت الليالي رحلة موجوعة

وتحشرجت بين الضلوع ((نوادي))

دكتورنا ((إبراهيم)) ودع راحلاً

ترك الأحبة ذكريات وداد

بالعشر واحدة تودع باكية

آه وقد رقد الحبيب لحاد

وطفقت ألعق من سحابة أدمعي

وأنين روحي رعدها المتهاد

وتئن ((قروى)) ذكريات شبابها

((وثقيف)) واد حيه من واد

بكت الليالي ((وج)) مع ((مثناتها))

((وحدائق النجم)) التي في الوادي

((والقشلة)) اهتزت وناحت في الذرى

مع ((برحة القزاز)) لاح حدادي

أيقونة المأنوس ((قروى)) حيها

هي ذكريات شبابها المتناد

وتدور بي ذكرى شباب شبابنا

وتبات عيني في رقاد سهادي

مع دارها التوحيد طائف ذكرها

((وأبو خبر سعد)) الذي في الغاد

قد لاحت الذكرى وناح بربوة

تلك الأماكن في ((الشفا)) نرتاد

وبكى القصيد وراح يقصد مكة

يتذكر الأفذاذ رغم بعاد

ومقام ((آل الزيد)) فخر عمومتي

((حي العتيبي)) مسكن الأجداد

سأكفكف الدمع الحزين بآهة

وأودع الآهات رغم ودادي

وألملم التاريخ أيام الصبا

وأوسد الذكرى وساد رقادي

- حمد الدعيج ((نديم كميت))