رحلتِ ولكنك لم ترحلي!!
وفي فيض روحي هنا تَرفُلِي
مضيتِ سريعاً فصار فؤادي
بنار غيابكِ كالمرجلِ!!
لكِ يا فؤادي بنا رأفةٌ
وشمسكِ دفءٌ تُلوّحُ لي!!
وحكمتكِ في خريف الحياة
يصيرُ ربيعاً وخيراً جَلِيّ
وكنتِ لنا ديمة نَووّها
يفيضُ علينا بسيل مَليّ
أهيلة يا ريح مسكٍ وعودٍ
وريحان حبٍ وورد خَليّ
أيا أم عبدالعزيز وداعاً
ونستودعكِ الرحيم العَليّ
أيا خالتي طبتِ في كل حين
وخُلّدَ ذِكرُكِ في المَحْفل
وداعاً لرب كريمٍ عظيمٍ
وجناتِ عدنٍ وخير حُلِي
وفردوس رب جليلٍ خبيرٍ
جزاءً لفِعْلِكِ في الأولِ!!
وداعاً ونلقاكِ يا روحنا
لقاءً يدومُ ولا يَنْجَلِي!!
لقد غادرتْ دنيانا الفانية الخالة هيلة بنت حمد بن عثمان العيسى.
وُلدت رحمها الله سنة 1360هـ والتي أطلق عليها لاحقاً سنة جبّار تيمناً بالخير الذي عمّ الناس بعد سنوات الجفاف - كما روت جدتي رحمها الله- وانتقلت إلى الرفيق الأعلى مساء يوم الثلاثاء الموافق 14 - 3 - 1438هـ. لقد وعظتنا في حياتها وأثناء مرضها وبعد موتها غفر الله لها، ففي حياتها: إيمان و يقين، وذكر ودعاء ورضى بأقدار الله، صوّامة قوّامة متصدقة باذلة، ريفاً للقريب والبعيد، و احتراماً للصغير والكبير وإذا تحدثت عن الأخلاق الكريمة والسجايا الحميدة والكرم الحاتمي والبذل والعطاء، وجدتها لها خير مثال.
وفي مرضها تخجلنا بصبرها وحمدها ورضاها فلا تكاد تفتر من الذكر والدعاء، تُطمئِن من حولها: أنا ولله الحمد بخير وعافية من الله، مع أنها تزور العناية المركزة كثيراً!!
وعن رحيلها الذي ثلم القلوب وأدمع العيون فحدِّث الركبان ما تعاقب الحدثان، لقد ثلم غيابها الأفئدة وأدمع العيون، وحرّك مشاعر الأقارب والأرحام والجيران و الأرامل والأيتام والأسر التي كانت تكفلها وترعاها.
ولم أر ثلماً كثلم أمي وهي تفتقد أختها الكبرى التي طالما عمرتْ وإياها الحياة بجمال الإخاء ووافر التقدير والثناء وجميل التواصل وخالص الدعاء.
ولسان حالها يتمتم والعبرات تخنقه:
يا قبر خبرني عن اللي سكن فيك
هو نور عيني وهو ترى راس مالي!
قل له: ترى عقبك علينا طواريك
تسعد نهار بيتنا والليالي
وقل له: ترى ريح الندى في مبانيك
ريحة خفوقك شامخة «كالهلالي»
والدلة اللي في مكانك تناديك
تبكي زكاها بين كل «الدلالي»
والمجلس اللي عامره هايم فيك
يقول: وين اللي على الكل «غالي»؟!!
يا كبر فرجة غيبتك عند مغليك
ويا كود فقدك كود دكّ «الجبالي»!
ويا حرّ فرقى موتتك والرجا فيك
يا ربنا المعبود ترحم بحالي
هيلة عليك القلب ينعى ويبكيك
ودموع عينه جاريات مسالي
يا أم الجميع اللي بمدة أياديك
تقول: كل الناس حسبة عيالي
كل آل عيسى والسليّم لقوا فيك
وطيب الخصال و زاكيات «الفعالي»
يا خالتي الله من النار ينجيك
وجنات عدن لك على الدوم «فالي»
كل القلوب اللي تحبك وتغليك
خوات وعيال وخلٍ «موالي»
خيّم عليها حزنها في تعازيك
وخلى لياليها عسارٍ «طوالي»
و هيا وسارة الخوات المباريك
موتك كسرهن فوق وصف «الخيالي»
ذكراك وسط قلوبهن دوم ترثيك
وفقدك ثلمهن، ما مضى له «مثالي»
وعبدالعزيز اللي على الكل مبديك
هذا أبو تركي كبير «العيالي»
كني بروحه فوق كفّه تفدّيك
ولو العمر يشرى شرى «بالجزالي»
وسليمان دمعه كل ما حل طاريك
يبكي فراقك ساهر في الليالي
وذا سعد يسعد بريحك ويبكيك
يقول: وين سلوم بنت «الرجالي»؟!
وفهد أبو فيصل من الهم ينعيك
ويدعي إلهي يغمرك «بالظلالي»
وليد أبو خالد بقلبه يناديك
يقول: يمه عقبك القلب «خالي!!»
وسلطان وعياله دموعه تناجيك
وأركان بيته دمعها دوم «سالي!!»
وأم الفهد مها من الحزن ترجيك
يا رب تجمع شملنا «بابتهالي»
و البندري دمع مسيله يخلّيك
تبكي من الفقد الذي سمَّ حالي
يالله تجبر مَنْ على الدين يدعيك
وتحسن عزانا يا عزيز الجلالي
يا خالتي ربي بعطاياه يرضيك
ونستودعك رب على العرش «عالي»
والخاتمة أزكى صلاة وتبريك
على نبي هادي و كل آلِ
عداد من صلّى وعداد لبّيك
وعداد ما دارت علينا الليالي
صادق العزاء لوالدتي وخالتي ونفسي ولإخوتنا وأخواتنا أبناء وأحفاد الشيخ عبدالله بن حمد السليّم رحمه الله ولكل من ثلمه فقدها من محبيها.
نسأل الله أن يجمعنا بها في دار كرامته وفي الفردوس الأعلى من جنته ووالدينا وذرياتنا والمسلمين آمين.
- د. نوف بنت محمد بن حمد الزير