مضت....
لا أنسى جملة تداولناها ليلة عَلِمنا بالخبر و(مع الفجر) من زوجها أخي «صالح» وسبحان من شدّ من أزره وحفِظ قلبه وربط على جأشه.. وهو يخبرنا بجملة لا تحتاج تقشير عصاها:
(ربِ ارحم ضيفة الثلث الأخير
من الليل..)
ولم نحر أن نردد: آمين..
فلِله قدرك أيتها الغالية..
إنها: الـ(لولو) بنت رميان بن صالح الرميان.. رحمها الله ووالديها.. اسم كله غزارةً..
فـ(لولوة) هو تخفيف لـ «اللؤلؤ»..
وهو من الأحجار الكريمة الجميلة، وغالية الثمن، والتي تتمتع بالعديد من الألوان الأحمر والأصفر والأبيض.. والذهبي... إلخ، وتكون مستديرة ولكنها عادة تشبه الكمثرى - مع اختلاف بالحجم -..
(رميان) من الرمي، لكن ليس كل رمي يؤذي..
يرمي فلا (يجرح) برميته
ليت أني أرمي كما يرمي
.. و(صالح) لا يحتاج إيضاحاً..
لكني أذكر لجد أبي «صالح» إحدى القريبات أتت لتفيقه من النوم وتبشره بمقدم مولود، فقالت: (قُم يا صالح، عسى يتبعك مئة صالح)..
مضت...
فـ..للـه روح ما كان أقرب منها..
يا ربِ كن لنا ولياً ونصيراً..
وفي الشدائد مجيراً..
لأُقدم:
إلمامة في مضارب تلك العشرة..
أو عن دنيانا الجميلة..
والخميلة «أم محمد» أُحدّث..
ذوت سراعاً (لم يمهلها الداء سوى بضعة أيام حتى صعدت روحها لبارئها)..
رحلت..
«أم محمد» لكِ الله على وداد شدّ من أيادي أزره / محاسنك..
وكأنه لم يلوِ على أحد سواك..
«أم محمد» يا تلك الروح التي بها ازدانت دنيانا جمالاً وأغدقتها إسعاداً..
.. فأنا:
أجول ببعضي فوق بعضي كأنني..
ببعضي لبعضي كالنجائب والركبِ
.. فما أقاوم إلا اصطبارًا
أن هل حلّ الأوان أم (هي) سارعت حتى لا تدع صدعاً في قلوب خلفها مكلومة وعلى ما تبديه إزاء ترجلها ليست ملومة..
فأجنادنا بالكاد تتماسك..
يـا الـ(لؤلؤةً) بحق..
وآه..
على أعين لتتلمس بها الماء لا الدموع ولا النجوع إليها مفازة تؤويها إن ضلت الطريق أو خلت من الرفيق
وآه..
على (ربيع) عهد انسدر قبل تلاشي فصله فقضى نوره فجأة، وانطفأ
.. فانمحلّ بدره
وآه..
على قمرية كم كنا ننادمها سوياً والعمر يذرب بنا بلا وشاة
والماء ينساب بلا ذرب.. ولا معية من سلوانا يومها إلا أنتِ
وآه..
على أوجاع تركتِها تحيا بقلوب كلما تذكرتك فتزلفنا إلى حيث ألفيناها في مراقيك..
وآه..
وما.. الوداع إلا أجل معدّ
وقدر لا يصدّ..
عسى أن نلقاك هناك بـ (جنات ونهر عند مليك مقتدر) الذي وعد.. بل دعا إلى المنافسة في درجات الجنات فأغرى.. بما وُعد به.. {السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَـئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} (12)
واجبر اللهم قلوبنا..
جميعاً - آل المطلق... وآل الرميان
على فراق الغالية..
وكن لنا ولياً ونصيراً..
.. وفي الشدائد مجيراً..
ربِ يتقبلك ويجعلك في عليين..
فأنت أختنا.. وحبيبتنا
و(دنيا جميلة) لا تُنسى، وكيف..!
وقد قضيناها في كنف تواجدك بيننا
.. ربِ ألحقها بأمها العبدة الصالحة عمتنا نورة، وبوالدها صاحب الغيرة على الدين العم رميان واجعلها من ورثة جنة النعيم (وارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه)، وأحسن عزاء أخي صالح وذريته وأنزل عليهم السكينة..
وأختم.. /
اللهم يا من إذا سألَه العبد أعطاه... وإذا أمَّل ما عنده بلغه مناه
اللهم اجعلنا ممن نظرت إليه فرحمتهُ..
وسمعت دُعاءه فأجبتّه..
اللهم إنا نستودعك موتانا فإنك تراهم ولا نراهم..
اللهم ربِ ارحمهم وآنس وحشتهم..
اللـهـمّ إن لنا أحبةً في ذمّتك وحبل جوارك..
اللهم قهم فتنة القبر، وعذاب النّار أنت أهل الوفاء والحقّ، فاغفر لهم وارحمهم إنّك أنت الغفور الرّحيم..
اللهم صلِ على محمد وآله وصحبه أجمعين..
من أشجاه وأنحله الفراق..
يا أعزّ الرفاق.
- عبد المحسن بن علي المطلق