خالد الربيعان
في عهد غابر رأى فرعون في منامه أن نارًا من ناحية بيت المقدس تأتي على مُلكه وتهلكه! جمع حاشيته وكهنته، وطلب أن يفتوه في رؤياه المفزعة تلك فقالوا: يخرج ولد من بني إسرائيل يسلبك ملكك، ويغلبك رغم سلطانك وقوتك!
أصبح فرعون يقتل كل مولود يولد لبني إسرائيل؛ فما نجا أحد! ولكن القدر يشاء أن ترى جواري زوجة فرعون طفلاً في صندوق صغير يطفو على الماء وهن يغتسلن! يذهبن به لامرأة فرعون التي وقع في قلبها حب الصغير فورًا؛ فالآية تقول {وألقيتُ عليك محبة مني}. النتيجة كانت أن يربي فرعون - إكرامًا لزوجته - طفلاً سيكبر؛ ليسلبه ملكه، وينهي طغيانه، بل يربيه داخل قصره تربية «ملوك»!
هذا الجزء من قصة النبي «موسى» - عليه السلام - تذكرتها مع فارق التشبيه وأنا أقرأ عن موسى آخر! له علاقة بمجالنا! طفل آخر، وُلد في حي فقير في نيجيريا بالعاصمة لاجوس، أبوه «أوستن»، كان رجل دين، وله كنيسة خاصة به. في لحظة ما توقَّف الزمن؛ لتنشق الأرض عن عصبة من القتلة، خططوا - تحت مسمى النزاعات الطائفية - لقتل رجل الدين هذا وأسرته المكونة من زوجته والابن «موسى»!
يشاء القدر أن تكون كرة مصنوعة من الخيوط البدائية، «كرة الشراب» كما نسميها! هي سبب في الظاهر لمشيئة إلهية، أنقذت الطفل من القتل! الذي رجع بعد لعب الكرة؛ ليجد أمه وأباه مقتولين، ويجد عمه يبحث عنه؛ ليقوم بتهريبه إلى إنجلترا؛ ليعيش فيها كلاجئ يتيم، يبلغ من العمر 11 عامًا فقط! كان هذا في 2002!
يلتحق بمدرسة كرة بسيطة في لندن تسمى «وايت جيفت»؛ ليكتشف أحد نجوم نادي تشيلسي السابقين «كولين بيتس» أن هذا الطفل الأسمر يجري بالكرة كالمجنون! أسرع من الجميع، كأنه يجرى من خطر ما!!
اهتمت المدرسة بالطفل الموهوب؛ ليذهب وهو بلا ناد ليمثل منتخب إنجلترا تحت 16 سنة مباشرة! 2006 منتخب تحت 17 سنة! بعدها بعامين أخذه كشافو نادي كريستال بالاس! ليلعب في الدوري الإنجليزي 58 مباراة!
2009 منتخب إنجلترا تحت 19 سنة، 2010 منتخب إنجلترا للشباب! ثم عقد مع نادي ويجان 2012. لا نعلم من أين جاءته الجرأة ليمثل منتخب البلد الذي وقعت فيه مأساة طفولته! لعب لمنتخب نيجيريا رسميًّا تصفيات كأس العالم وكأس الأمم الإفريقية، ثم أخيرًا مونديال البرازيل 2014!
انتقل لـ»تشيلسي» ليقوم مورينهو بتحطيمه! كانت الصحافة تسأله عن موسى فيضحك ويقول «لا أعلم أين هو!». رحل عن تشيلسي إعارة لليفربول! ومن ليفربول لستوك سيتي! ومنه إلى ويستهام! ثم يرحل «الطاغية الكروية» الخاص به مورينهو عن النادي؛ ليرجع اللاعب مرة أخرى لبيته القديم!
هذا الموسم جاء كونتي ليدرب تشيلسي ليغير مركزه من مهاجم إلى جناح مدافع wing-back ! في حادثة تكلمت عنها الصحافة الرياضية هناك بانبهار.. لماذا؟!
لأن فيكتور موسي الآن أحد أعمدة تشيلسي، وأسهم بشكل فعال في مركزه الجديد تحت قيادة العبقري المجنون «كونتي» في اعتلاء تشيلسي جدول البريمرليج بجدارة، وأداء أدهش الساحة الرياضية هذا الموسم!
قيمة موسى السوقية الآن في تشيلسي 15.6 مليون يورو!
أخيرًا، هل كان يعلم الطفل ذو الـ11 عامًا وهو في حارة ضيقة يلعب بكرة الشراب أنه بعد 15 سنة سيكون «رجل مباراة» تشيلسي وميدلسبرة التي انتهت بفوز تشيلسي منذ أسابيع؟!
أترككم حائرين مثلي في إجابة السؤال!!