د. حمزة السالم
في المؤتمر الصحفي حول ميزانية عام 2017، وجه مدير الحوار الأستاذ طلعت حافظ سؤالا لمعالي محافظ مؤسسة النقد ونصه «بعد اطمئناننا على المالية العامة، نريد أن نطمئن عن السيولة في البنوك والقطاع المصرفي، سمعنا بأن هناك شح في السيولة لدرجة أني لو رحت بكرة لأي من البنوك ما يعطيني فلوسي».
وجواب المحافظ أرى أنه يحتاج إلى شيء من الدقة في الأرقام وفي استخدام المؤشرات. ولهذا جاء الفرق عند معالي المحافظ بين نتيجتي مقياسي السيولة البنكية التي ذكرهما. فالمقياس الأول الذي استخدمه أفادنا بأنها 1.7 ترليون، والمقياس الآخر بأنها أصبحت 100 مليار.
وأقول إن معنى السيولة (كما أفهمه) هو في الكاش أو ما يمكن تحويله إلى كاش بسرعة وبلا كلفة. وهي لفظ تابع يصف حال الموصوف بها. فحين تنسب السيولة إلى البنوك فالمعنى هو في: قدرة البنوك على التمويل والوفاء بالسحوبات. كالمثال التوضيحي الذي أُتى به الأستاذ حافظ في السؤال.
ولكي أقرب الوصف، فالسيولة المباشرة هي كالكاش الذي تحمله في محفظتك، تستطيع التصرف به فورا. وأما شبه السيولة فهو كحسابك الجاري في البنك، تحتاج لصراف أو الذهاب للبنك لتسييله أولا ثم استخدامه.
أما إذا أردنا اعتبار مقياس السيولة المحلية (عرض النقد) - الذي استخدمه المحافظ- فهي كمصنعك أو مزرعتك التي تملكتها بالاقتراض من الغير، لأن عرض النقود هو ودائع أُستثمرت في قروض عند الغير. (وليست مقياساً لسيولة البنوك إنما هو تعبير مجازي يستخدمه البعض عن سيولة الاقتصاد المحلية، ونتيجته ليست نقدية إنما إنتاج اقتصادي حقيقي).
إن سيولة البنوك الحاضرة هي الاحتياطيات غير الإلزامية التي تودعها عند المؤسسة زائد الكاش الذي عندها في البنوك. وهذه السيولة ليست هي السيولة التي عليها المحك. فهي كمن يحمل كاشا في جيبه.
(وعلى مقياس معالي المحافظ للسيولة بعقود الريبو العكسي، فهذه السيولة قد وصلت 14 مليارا في فبراير 2016 وليس 40 مليارا في جون، كما ذكر المحافظ بأنها كانت سبب تدخل المؤسسة. فالمحافظ لم يذكر الكاش وقيمته تشكل نسبة أكثر من قيمة عقود الريبو العكسي، -فالكاش لا يأتي بفائدة-.
وعموما فإن هذه السيولة تدور في العقدين الماضيين حول الثمانين مليارا.
أما عن شبه السيولة. والتي هي عندنا في شكل أذونات مؤسسة النقد (ساما بل). وقاعدة شبه السيولة تنص على الإقلال منها في فترات الثقة والازدهار، لاستغلالها في عوائد أكبر. والعكس بالعكس.
وهذه القاعدة غير منطبقة عندنا لأن اقتصادنا يختلف عن اقتصاديات من وضع القاعدة.
ففي فترات طفرة النفط تزيد الثروة في المجتمع حتى لا تجد النقود لها مسلكا، فتسحبها مؤسسة النقد بأذوناتها. ولذا فقد تجاوزت قيمة شبه السيولة عند البنوك 235 مليارا في منتصف 2014م لتصل في شهر أكتوبر الماضي لنحو 33 مليارا فقط.
فخلاصة الإجابة عن سيولة البنوك هي: أن السيولة المباشرة، لا نقصان إستراتيجي فيها، وهي تزيد وتنقص عادة. وأما شبه السيولة أي في (ساما بل) فهذه قد أدركها الانخفاض.
وأما الجواب الرقمي فهو حاصل جمع قيمة السيولة المباشرة وشبه السيولة. فمجموع السيولة أو الاحتياطيات غير الإلزامية للبنوك إلى الكاش المتوفر عندها إلى أذونات ساما: قد انخفض من 326 مليارا في مايو 2014 ، ليصل نحو 138 مليارا بنهاية شهر أكتوبر المنصرم.