أحمد محمد الطويان
الكائنات البيروقراطية ليست شريرة في الغالب، وليس لها أنياب حين تكشر، ولا مخالب حين تهدد.. ولا تسمع لها زئير ولا أزيز، علينا استيعابها، والتعامل معها، والكائن البيروقراطي ليس بالضرورة أن يكون معتقاً قديماً.. بل هناك الكثير من الناس يحملون كل الصفات البيروقراطية السائدة والمتنحية وهم في ريعان الشباب عمراً وعملاً.
والبيروقراطية في العموم ليست سلبية، ولكن هناك جانب مظلم منها ظلمها وشوهها. ونحن في المملكة عانينا من سلبياتها، وهذا أعطى صورة قاتمة عن المصطلح وجلعنا نرسم صورة خيالية لكائن بيروقراطي ضخم يشبه الديناصور شكلاً ويماثل الغول في صنع معجزات الخيال الواسع.
المسارات البيروقراطية لإنجاز الأعمال هي شكل تنظيمي إيجابي، غير الإيجابي هو سوء استخدامنا للمنظومة البيروقراطية، وجعلها مرتبطة بالنزعة السلطوية، لتحقيق ذوات المدراء، وجمع الكل تحت سلطتهم، ولا يوجد مثل البيروقراطية مساحة ليعربد من يريد إراحة نفسه من الأعباء، وبذات الوقت يحصل على التفخيم والتضخيم.. كل هذا في أزمنة مضت، قبل أن تثور التقنية على أكوام الورق، وقبل أن يجيء زمننا الحاضر الذي يدخل المواطن سعيداً ويخرج سعيداً من الدائرة الحكومية وهو لم يتحرك من أريكته، وبيده فنجال القهوة.. هنا بالطبع نخص وزارة الداخلية ووزارة التجارة والاستثمار ووزارة العمل ووزارة الثقافة والإعلام.
لماذا يقاوم الكائن البيروقراطي التغيير؟
لأن ما اعتاد على أنه خطأ طوال 30 سنة اكتشف متأخراً أنه صحيح وموصى به؟!
ولأنه اعتاد على أن المجتمع حساس، وهناك مسلّمات «مصطنعة» لا يجوز المرور من جانبها، وفجأة اكتشف أنها انتهت أو أُنهيت.. هؤلاء لا يصلحون بالتأكيد للمرحلة، إلا بشروطها ومعاييرها، وإلا سيعطلون من يعملون معهم أو تحت قيادتهم عن الوصول إلى أهدافهم.
يجب أن يكون لهؤلاء دورات خصوصاً من بقي لهم مدة طويلة للوصول إلى التقاعد، تركز هذه الدورات على قيم العمل، ومعاني الكلمات المستخدمة في هذه المرحلة، وأن العمل هو الأساس وليس الجلوس في المكتب وشرب الشاي وتدخين السجائر.
يجب أن يعرف هؤلاء أن الإدارة ليست مكتباً وبشتاً وسكرتارية وسائقا وموظفين يسبحون بحمده.. الإدارة إنجاز، بالأرقام والحقائق وبتطويع الإمكانيات لتحقيق التطلعات.
عدم إزاحة هؤلاء المعطلين، سيخلق في اللاوعي قادة في المستقبل لديهم شيء من أعراض المرض الذي في هؤلاء المُعطلين.. خصوصاً في الأجهزة الخدمية.
قال غازي القصيبي «رحمه الله»:
((محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكاراً قديمة هي مضيعة للجهد والوقت)).