سامى اليوسف
يقول الصحافي والروائي والكاتب الأمريكي الساخر مارك توين «1835- 1910»: «إذا لم تغامر من أجل شيء تحبه فاصمت إذا خسرته».
ميزة كرة القدم أن الملعب يفضح ما يدور في الغرف المغلقة، فالملعب يكشف عمل المدرب واللاعب والإداري والطبيب، وربما عضو الشرف في منطقتنا، أمام الجمهور طوال 90 دقيقة، أكرر: المسألة ليست علم ذرة، ببساطة هي كرة قدم.
ظهر رئيس الهلال متأثراً بعد هزيمة عرضية من الغريم النصر أقصت فريقه من بطولته المحببة، هاجم التحكيم بضراوة كما لم يهاجمه من قبل متناسياً أن فريقه لعب واحدةً من أسوأ مبارياته باعتراف مدربه، ونسي أيضاً أن لاعبيه لم يقاتلوا في الملعب كما فعل لاعبو خصمه، وفي نهاية المطاف لم يتخل عن عادته وهو ينتقد إعلام الهلال.
سأتجاوز التعليق على تصريح رئيس الهلال إلى الفقرة التالية، لأشدد على مسألة غاية في الأهمية وهي أن الهلال لم يتعلّم من «درس سيدني» شيئاً يذكر، فالعقلية ذاتها ما زالت مسيطرة لأن من بيدهم القرار لم يستوعبوا المشكلة، فالهلال يعاني من ثلاثة أمور هامة:
- يخسر أو يفقد توازنه في مباريات الحسم.
- ضياع الفرص السهلة.
- يتحلّق لاعبوه حول الحكم وقراراته، يتأثرون، فيفقدون تركيزهم.
نعود لجزئية حديث رئيس الهلال عن «إعلام الهلال»، كان من الواجب أن يكون الرئيس أكثر الهلاليين هدوءاً وصلابةً بعد المباراة، ولا يلبس ثوب المشجع وهو يتحدث للإعلام، لاسيما وهو خريج الإعلام، وليسمح لي أن أطرح على سموه جملة من الأسئلة أترك إجابته له يسمعها بينه ونفسه إذا اختلى بها لعله يدرك حجم خطئه:
- هل الإعلام هو من تعاقد مع دونيس؟ وجوستافو؟
- هل إعلام الهلال هو من طلب منك ترك الفريق في بداية معترك الدوري مخلفاً وراءك فراغاً إدارياً لا يستطيع أحد من أعضاء إدارتك ملؤه؟
- هل إعلام الهلال هو من رفض بيع عقد البرازيلي إدواردو؟
- هل الإعلام هو من تعاقد مع اللاعبين الأجانب والمحليين؟
- هل الإعلام هو من غيّب ناصر الشمراني في مباريات مفصلية بدون سبب واضح أو مقنع؟
- هل الإعلام هو من أبقى لاعبين انتهت صلاحيتهم، ولم تنه عقودهم ضمن قائمة الفريق؟
- هل إعلام الهلال هو من جعل «الزعيم» رهينةً بيد لاعبين تحكمهم المزاجية لا يعرفون قيمة الهلال ولا يحترمون تاريخه؟ هل هذا الإعلام هو من يختار وجهة شارة الكابتنية؟
- هل أجبرك الإعلام على الإبقاء على إداري قدَّم كل ما عنده، وصار وجوده مثل عدمه؟
- هل الإعلام هو من هرول للظهور في برنامج مات إعلامياً، عاد للحياة من جديد بعد ظهورك فيه، وهو لا يستضيف إلا من يسيء لناديك ورموزه ولاعبيه وإعلامه الذي تستنجد به الآن؟
- هل المطلوب من إعلام الهلال أن يهاجم عضو شرف هلالياً فتح باب قناته على مصراعيه لبرنامج فاقد للمهنية مهمته الإساءة للهلال ودعم منافسيه؟
- هل إعلام الهلال من حيّد المركز الإعلامي «ذراع النادي الإعلامية» وحوله إلى متفرّج على المشهد المحتقن بكل فصوله ضد كل ما هو هلالي دون ردة فعل؟
- هل إعلام الهلال من أجبرك على الصمت وأنت ترى لاعب فريقك ميليسي يتعرض للأذى دون قرار من لجنة الانضباط؟ وهل هذا الإعلام منعك من الاعتراض على تعيين الحكم تركي الخضير الذي تعترف بتصريحك أنه أضرّ بفريقك واستفز لاعبيك وأنت تعلم حق المعرفة تاريخه الذي استعرضته في حديثك؟ لماذا لم تطالب بتغييره على الأقل، أو اتخذت موقفاً رسمياً من تعيينه على أقل تقدير؟
- هل إعلام الهلال من منعك من المبادرة للدفاع عن حقوق ناديك، وقال لك: «التزم بموقف المدافع، والمتلقي للضربات»؟ أين ذراع النادي القانونية من صحف، وبرامج، وحسابات تسيء للهلال ليل نهار؟
- هل إعلام الهلال هو من أجبر النادي على عقد رعاية لصحيفة لا تتورع في كل يوم عن الإساءة للاعبي ومدربي وفريق الهلال وإعلامه؟
- هل إعلام الهلال هو من جعل حسابات تويترية تلبس ثوب «الخوياء»، وكأنها المتحدث الرسمي باسم النادي تفضح كل صغيرة وكبيرة من أسرار الفريق، ومفاوضاته الرسمية؟
- هل مددت يد مصافحة لإعلام الهلال الصادق، الناصح الأمين، الرزين وليس المطبل المتمصلح؟
- أخيرًا .. هل المطلوب من إعلام الهلال أن ينزل بمستواه إلى مستوى «الأبواق» المحسوبين على الإعلام في الإعلام المقروء أو المرئي أو المسموع وفي الـ «سوشال ميديا»، والذين وصفهم الرئيس السابق بـ«السفلة» ليمارس الكذب والافتراء والتضليل وكل ما هو خارج عن مبادئ ورسالة الإعلام ومهنيته، أو الأخلاق والقيم ؟
إن إعلام الهلال الصادق، الأمين وقف معك في بداياتك كرئيس، وقدّم الدعم والمشورة لكنك أدرت ظهرك بفوقية رافضاً التعاون معه، أو الاستماع له، بل مارست انتقاداً انتقائياً له عبر منابر لا تحب الخير للهلال.
الخسارة من النصر ليست نهاية المطاف، فما زال الهلال من يتصدر البطولة «الأهم» الدوري، وأمامه البطولة «الأغلى» كأس خادم الحرمين الشريفين، وإحراز لقبيهما يتطلب عملاً إدارياً يتوازى مع العمل الفني الذي يقوم به المدرب الخبير رامون دياز .. وخسارة جولة لا تعني رفع راية الاستسلام.
أخيرًا ،،،
«في أوقاتنا المظلمة يكون أحبتنا هم الأقرب لنا دوماً».