«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
قبل أيام التقيت بأحد المعارف والذي سألني عن الفلاح السعودي من يكون؟.. وهل ماسبق وكتبته عن حديث مواطن فلاح، يعبر حقيقة عن الفلاح المواطن في بلادنا وهل كل من يعمل في الزراعة يعتبر فلاحاً أو مزارعاً؟.. فكان تساؤله محور هذه الإطلالة لهذا اليوم.. والحق أن كل من يعمل في المجال الزراعي (الفلاحة) وعلى الأخص من يمارسها فعليا فهو فلاح.. وبمعنى آخر من يفلح الأرض ويحرثها ويزرعها ويرويها ويرعى كل جزء في أرضه الزراعية ومنذ القدم.
هناك من اتجه إلى هذا العمل الشريفة الذي يختلط فيه عرقة بالتربة التي يحرثهااو يزرعها.. ويستصلحها.. وبعد ذلك يقوم ومن يساعده من الأبناء أو حتى من يعملون معه من الفلاحين في حصاد ما زرعه.. ويعتبر كل من يعمل في الفلاحة مقابل أجر مهما كان نوعه وفي خدمة المزرعة أو كل الأعمال التي يتطلبها العمل في النخيل والبساتين فهو يعتبر فلاحاً أو مزارعاً.. حتى من يقوم بتسويق المنتجات الزراعية من محاصيل ومنتجات في الأسواق الأسبوعية أو اليومية فهو ينتمي إلى نفس المجال وينسحب عليه المسمى فلاح.
وفي بلادنا وغيرها من البلاد الأخرى اعتاد الكثير من السكان في المدن والقرى العمل في المجال الزراعي.. وليس كل من يعمل في هذا المجال يعتبر من الملاك أو صاحب النخل أو المزرعة فقد يكون فلاح بالأجرة اليومية أو الأسبوعية أو يكون مستأجراً لهذه المزرعة أو تلك.؟! ويقوم بعد الحصاد في المواسم بتقديم جزء من الحصاد الإنتاج لصاحب المزرعة الأصلي أو من استأجر منه الأرض الزراعية.
وهناك من لا يقبل إلا مالاً كبدل استثمار أرضه.. ويتنوع الفلاحون في مزارع المملكة وغيرها فهناك فلاحون دائمون وموسميون.. وفلاحون باليومية. وكانت بعض الأسواق في الأحساء وغيرها تجد مجموعة من الفلاحين الذين ينتظرون من يطلبهم للعمل جلوساً بجوار المساجد الرئيسة في المدينة والقرية وهو يحملون معهم بعض أدواتهم الهامة التي يحاجها العمل الزراعي خصوصاً (المحاش) والقفة (الزبيل)... إلخ من الأدوات البسيطة أما الأدوات الكبيرة فعادة موجودة لدي صاحب البستان أو المزرعة.. وبعد اتفاق صاحب المزرعة مع الفلاح اليومي ينتقل معه إلى مزرعته أو حتى أرضه حسب وسيلة النقل المتوفرة وكان في الماضي كما هو معروف تتم عملية الانتقال من خلال الحمير أو عربات (القاري).
ومن المعروف أن الفلاحين الموسميين أو اليوميين ليست لهم صفة الاستقرار والدوام.. فحال انتهاء عمله يذهب للبحث عن عمل آخر من خلال جلوسه بجوار الموقع الذي اعتاد الانتظار فيه.. كما تفعل في هذا الزمن العمالة الأجنبية بانتظارها لفرصة عمل في منطقة البطحاء أو على جوانب بعض الشوارع والأحياء. ونسبة كبيرة من الفلاحين هم من العمال اليدويين وليست لديهم مهارة وكفاءة كبيرة.. حيث يوجد فلاحون متخصصون في أعمال زراعية معينة يعتبر الواحد منهم (أستاذ) في مهنته مثل الفلاح المتخصص في عمل «التكريب» والتشذيب وصعود النخيل وتلقيحها بالنبات.. ومثل هؤلاء تكون أجرتهم مرتفعة كثيراً عن بقية الفلاحين.
وتعدد أعمال الفلاح في المزارع على حسب طلب صاحب البستان (النخل) أو المزرعة.. وعادة ما يقوم صاحبها بتأمين فطوره وكذلك وجبة الغداء.. إلا في حالة يتفق عليها مسبقاً أن تكون أجرته شاملة طعامه ومواصلاته.. وتفخر بلادنا ومنذ القدم بأن الفلاح عاشق الأرض له فضل كبير على الجميع فهو قبل وبعد الذي يزرع ويحصد ونحن نأكل من حصاده.. فهنيئاً لوطن يفخر بأمثال هؤلاء أبناء الوطن المخلصين الأوفياء لوطنهم ولأرضهم.