د. محمد عبدالله الخازم
عدد الأطباء غير الكنديين العاملين في كندا يتجاوز20% وعدد كلياتها الطبية17 كلية فقط، ورغم ذلك لم تتغير سياسة قبول الطب بها من ناحية زيادة الأعداد أو الكليات منذ أكثر من30 عاماً. عدد سكان كندا مقارب للسعودية (35 مليون تقريباً) وكثير من الأطباء المهاجرين بها خريجي الشرق الاوسط و شرق أوربا ينتهي بهم المطاف في أعمال غير طبية لأنهم لا يستطيعون إجتياز اختبارات الرخص المهنية. لماذا؟
ببساطة؛ لأن مهنة الطب يديرها مهنيون همهم الأول جودة المخرجات الطبية، وليسوا إداريين لا تعنيهم الجودة والمنتج على المدى البعيد بقدر ما يعنيهم امتصاص ضغوط المجتمع الراهنة وليسو تجاراً، أطباء أو غير أطباء، همهم زيادة الأرباح بالتوسع في سلعة تلقى رواجاً مجتمعياً وتحقق أرباحاً مجزية كمهنة التعليم الصحي.
لماذا أشير إلى ذلك؟
ببساطة، لأن هناك توجها لا يخدم مهنة الطب في المملكة، ألا وهو التوسع في تعليم الطب بشكل غير مقنن ولا يراعي معايير الجودة و مستقبل الأطباء الذين نخرجهم وسنخرجهم سنوياً من كليات الطب السعودية. نحن نتجه نحو تخريج أطباء بأعداد كبيرة ولتواضع برامج التدريب التخصصي لدينا ينتهي بنا المطاف نحو تاسيس برامج تخصص متواضعة وترك مئات الأطباء من دون تخصص.
في عالم الطب، لم يعد هناك حاجة كبيرة لطبيب عام غير متخصص، ونحن للأسف نتجه نحو تخريج أطباء عامين أو متخصصين ضمن برامج محلية ضعيفة فرضتها الحاجة الإدارية وضغوط المجتمع.
لا أريد أن تكون حلولنا للبطالة على حساب مهنة الطب. لدينا عدد كبير من كليات الطب و مخرجاتها أكثر مما نستطيع استيعابه في برامج التدريب والتخصص العليا، فقط نحتاج الصبر وتجويد المخرج. لأجل صحة الإنسان أرجو تقليص الضغط على كليات الطب لزيادة المخرجات وعدم التوسع في الكليات التجارية الطبية والتركيز على الجودة والمهنية في تعليم وتدريب الأطباء، حتى ولو كان ذلك على حساب تأخرنا في سعودة القطاع الطبي قليلاً. إذا لم نقرأ تجارب العالم المتقدم فلنقرأ تجربتنا المحلية في مجال التعليم، وكيف خرجنا آلاف المدرسين دون تأهيل علمي ومهني كاف ومتميز، والأن نأتي متأخرين نحاول إصلاح ما يصعب إصلاحه في تعليمنا الذي ندرك أن أحد مسببات تواضعه هو تدني الكفاءات العاملة في مجال التعليم.
الزملاء بكليات الطب الحكومية الكبرى وهيئة التخصصات الصحية، نريد أن نسمع صوتهم المهني الطبي وكيف يرون التوسع الحاصل في افتتاح كليات الطب ومخرجاتها. مسؤوليتهم وضع استراتيجية للتعليم الطبي ومخاطبة أصحاب الصلاحية حولها، لا أن ينتظروا التوجيهات الإدارية غير المتخصصة. ولست أتردد في القول باقتراح النظر في دمج بعض كليات الطب القائمة في المدينة الواحدة ودعم الكليات بالمناطق بشكل أكبر حتى تنضج وتتمكن من القيام بأدوارها المطلوبة على الوجه المطلوب، سواء في تدريس البكالوريس أو البرامج التخصصية.