د. عبدالواحد الحميد
عندما تسير في شوارع طوكيو أو شوارع بعض المدن الأوروبية تذهلك براعة الأجهزة البلدية المسؤولة عن تنظيف شوارع هذه المدن في تطبيق الإمكانات الهندسية المتاحة وتسخير الآلة بدلاً من الأيدي البشرية لإنجاز المهام المنوطة بهذه الأجهزة. كما أن من يراقب أداء الآلات المتطورة التي تقوم بهذا العمل يذهل أيضا من مستوى الكفاءة والدقة التي تؤدي هذه الآلات عملها بها! يضاف إلى هذا أن استخدام الآلات وتقليل الأيدي العاملة في مهنة التنظيف المرهقة يوفر الكثير من التكاليف المالية.
وكثيراً ما يُطرح تساؤل عن سبب تأخرنا في تطبيق هذه الإمكانات التي نجحت دولٌ أخرى في الاستفادة منها، فنحن لا نحتاج إلى اختراع أساليب جديدة ويكفي أن نتعلم من تلك التجارب الناجحة المعمول بها منذ وقت طويل في العديد من البلدان.
نحن بلدٌ يستقدم ملايين الأيدي العاملة لأداء مهام يمكن أن تؤديها الآلات بكفاءة أكبر، ولو طبقنا الأساليب المتبعة في بلدٍ كاليابان مثلاً فسوف نتمكن من تخفيض عدد الأيدي المستقدمة ونوفر الكثير من المال ونحصل على نتائج أفضل مما نحصل عليه من العمالة البسيطة التي تقوم بهذه الأعمال المرهقة.
مؤخراً، نشرت بعض المواقع أن وزارة الشؤون البلدية والقروية كلفت أحد بيوت الخبرة بدراسة إدخال التقنيات الحديثة في نظافة المدن وأن نتائج هذه الدراسة ستطبق على عقود النظافة في الأمانات والبلديات.
الفكرة ليست جديدة، وقد سبق مناقشتها في لجان رسمية، وفي وسائل الإعلام والمنتديات، وقد لا تحتاج إلى مزيد من الدراسة من حيث وجاهة الفكرة، ويكفي وضع آليات التنفيذ بالاستفادة من التجارب المتراكمة في مدن عالمية أخرى طبقتها بنجاح.
قد تضطر بعض البلدان إلى تكثيف استخدام الأيدي العاملة في وظائف بسيطة كأعمال النظافة بالرغم من وجود البديل الآلي الأكثر كفاءة، لكنها مع ذلك تستخدم الطرق التقليدية اليدوية وذلك لامتصاص فائض العمالة عندها وتوظيف العاطلين عن العمل، وهي بلدانٌ يقبل بعضُ مواطنيها العملَ في تلك الوظائف البسيطة المرهقة ذات الأجور المنخفضة.
أما بالنسبة لنا، فالمواطن لا يرغب في تلك الوظائف، وهي تمثل عبئاً كبيراً على الاقتصاد وعلى المجتمع بسبب استقدام العمالة وما يحدث أحياناً من مشكلات تتعلق بالامتناع عن العمل أو هروب العمالة أو غير ذلك.
لقد حان الوقت لتطبيق هذه الفكرة وأمثالها، فالآلة التي يُنظر إليها أحياناً على أنها خطر يهدد العمال بالقضاء على وظائفهم هي في الواقع تمثل الحل المناسب للكثير من المشكلات في سوق العمل، لكن الأمر يختلف من بلدٍ لآخر، وهي قطعاً مناسبة لبلادنا.