عروبة المنيف
ينبغي أن تكون العلاقة بين المواطن «مستهلك الخدمة الحكومية» وبين «مزود الخدمة الحكومية» الهيئات والوزارات على درجة عالية من الشفافية والانفتاح بما يضمن تقبل النقد البناء من قبل المواطنين لتلك الجهات، فذلك النقد البناء يفتح فرصاً واسعة للجهات الحكومية أي كانت لتحسين خدماتها ومخرجاتها يشكل عام، فالنقد البناء يناقش السلوك أو المخرجات الفعلية لتلك الجهات ويقدم اقتراحات بناءة في كيفية تحسين الخدمة للحصول على خدمات أفضل.
إن الانفتاح الذي وفرته التقنيات الحديثة في الاتصال من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في كشف المستور، فقد ساهمت في سهولة تدفق المعلومات من تلك الجهات «مقدمي الخدمة» للمواطنين «مستهلكيها»، فالرسائل أصبحت تصل بسرعة وتنتشر بشكل أسرع، ومن الممكن أن يكون الناقل للرسالة غير محايد عن طريق إدخاله نعرات لا تخدم الرسالة ولكن مجرد وصول الرسالة وانتشارها يبقى دور «الناقد المحايد» من مهتمي الشأن العام من صحفيين وكتاب ومفكرين بالتحقق من محتوى الرسالة والتساؤل هل الوسيط أو الناقل للرسالة لديه مصداقية «من هو وأين وكيف»، وعند التحقق من هذين العنصرين من عناصر الاتصال يأتي النقد البناء الهادف إلى توضيح التصرف الصحيح «بتوضيح المشكلة وما يجب أن يكون عليه التصرف المستقبلي»، ذلك النقد ينبغي أن يكون واضحاً وحيادياً بشكل تام فلا ترهيب للقارئ أو المستمع ولا إحراجه وإرباكه وتشويشه.
إذا لم يكن هناك ذلك النقد البناء البعيد عن الشخصنة من قبل المهتمين بالشأن العام سواء صحفيين أو كتاب أو مفكرين، كيف لأي جهة حكومية من مقدمي الخدمة أن تسعى لتحسين خدماتها بهدف تحسين صورتها أمام المواطنين، فإذا كان مقدم الخدمة يفكر أنه لا يخطئ أبداً وما يقوم به هو عين الصواب ولا يستطيع تقبل أي تغذية عكسية من قبل أي جهة خارجية سواء مواطنين أم كتاب رأي أم صحفيين، كيف يعرف أن الخدمات المقدمة في تحسن وتطور مستمر بدون تلك التغذية العكسية، فالإنصات والتصرف تجاه وجهات النظر النزيهة التي ترى المشكلة من وجهة نظر محايدة وبناءة توجه مقدمي الخدمة بشكل أكثر دقة لموضع الخلل وما هو التصرف الصحيح وما يجب عمله لتصحيح الخلل.
إن النقد البناء غير المشخصن يفتح عيون مقدمي الخدمة على مواقع خلل ونقص لم يخطر على بالهم وتقدم لهم خدمات استشارية مجانية لتحسين خدماتهم والارتقاء بها من أجل رفع مستوى رضا الجماهير عن خدماتهم، ولا يخفى على الجميع مساهمة وسائل التواصل الاجتماعي في كشف أخطاء بعض الجهات الحكومية وما رافق ذلك من اهتمام متزايد من قبل مقدمي الخدمة بشكل مستمر بهدف استقرار الجهاز الحكومي وسمعته.
إن نقد الجهة الحكومية يكون صحياً وباستمرار إذا كان بناءً، بمعنى أن تكون عناصر العملية الاتصالية جميعها تعمل بكفاءة سواء كانت «الرسالة أو الوسيط أو المستقبل»، فالتحقق من الرسالة المراد توجيهها ضروري لضمان استيعاب المستقبل لها وللخلل المراد إصلاحه ويعمل الوسيط دوراً مهماً في قدرته على فهم الرسالة واستيعابها وإيصالها بطريقة لا تحرج أي طرف وبدون إثارة أي نعرات أو شخصنة لموضوع الرسالة، بمعنى حيادية الرأي المقدم من أجل مصلحة الوطن في نهاية المطاف.