فوزية الجار الله
في الثامن عشر من هذا الشهر الميلادي (ديسمبر) صادف الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، ولعلي لا أبالغ حين أقول بأن اللغة العربية أصبحت جزءاً مهماً من وجودنا لسنا بحاجة إلى يوم محدد للاحتفال بها، بل ينبغي أن نحتفل به يومياً، في كل لحظة وفي كل مناسبة هامة نجد أنفسنا تحت دافع جميل بأن نعبر عما يجول في خواطرنا تحدثاً أو كتابة باللغة العربية الفصحى!
كيف لا يكون ذلك وهي لغة كتابنا الكريم المقدس (القرآن العظيم).
لكن ربما يكون هذا الموعد السنوي المحدد للاحتفال فرصة سانحة لتكثيف اهتمامنا بها ودعوتنا إلى تحسين وضعها والتعامل معها من خلال تحسين أداء المتعاطين معها تحدثاً وكتابة: يشمل ذلك الاهتمام بقواعد النحو والإملاء عند التحدث والكتابة فمن الملاحظ أن بعض مذيعي القنوات التلفزيونية والإذاعية لازالوا يقعون في أخطاء شنيعة لا تغتفر عند قراءة الأخبار أو التقارير، يصل ذلك إلى أن يرفع الاسم المجرور بالضمة بدلاً من أن يُجَرَّ بالكسرة، كما حدث من ذلك المذيع الشاب الذي شاهدته صدفة على القناة «الثقافية» السعودية الأسبوع الماضي، أو مثل تلك الأخطاء المتكررة من بعض مذيعي قناة (الإم بي سي) والتي تقدم نفسها على أنها قناة العرب!! تحدث مثل تلك الأخطاء الشنيعة لدى بعض أساتذة الجامعات، أيضاً لا أجدني أبالغ حين أقول بأنه عار وأي عار أن تحدث مثل تلك الأخطاء من أستاذ يدرس الطلاب أو الطالبات في الجامعة، فقد اطلعت بنفسي على أستاذة جامعية من إحدى دول الخليج في إحدى المجموعات على (الواتس أب) كان لديها أخطاء مخيفة، تأكد لي بأنها ليست بسبب مفاتيح لوحة الطباعة الخاصة بالجوال وإنما بسبب أنها لم تتمكن بعد من منهج الإملاء وليتها لم تقدم نفسها بأنها أستاذة محاضرة بالجامعة.
وما دمنا في سياق الحديث عن اللغة العربية أتذكر كتاباً جميلاً للكاتب العراقي المعروف «علي الشوك» عدت لتصفحه مؤخراً، الكتاب بعنوان (جولة في أقاليم اللغة والأسطورة) يقول في مقدمته إن اهتمامه في البحث عن جذور المفردات قادته إلى الاحتكاك بعالم الأسطورة حيث وجد صلة بين هذين العالمين، وقد ركز في كتابه على التعامل مع اللغة في جانبها التطبيقي من حيث علاقتها باللغة.
يقول د.علي: حسب اللغة العبرية (يحِمْ) بمعنى يحمي، و(يَحِنْ) الذي يقابله بالعربية (وَحِنْ): يحقد على..).
أدهشتني كلمة (وَحِن) هنا وتذكرت مفردة شهيرة يستخدمها أهالي المنطقة الوسطى ومنطقة سدير على وجه الخصوص فمثلاً يقولون غالباً عند مخاطبة الأطفال غالباً (لاتواحنه) بمعنى لا تقهر الآخر بسلوكك أو بألفاظك. كنت أعتقد بأن هذه الكلمة تنتمي إلى اللهجة المحلية حتى قرأت في الكتاب المذكور بأن لها جذراً ينتمي إلى اللغة العربية الفصحى.