غسان محمد علوان
تم خصم النقاط، وتراجع الاتحاد عن صدارته إلى المركز الثالث في ترتيب دوري جميل للمحترفين. قرارٌ صادم، وتطبيقه على أرض الواقع كان مستبعداً حتى من أكثر المتشائمين. ولكنه حصل فعلاً، وتبقى الأسئلة تدور في أذهان عشاق العميد: من المتسبب؟ ومن أوصل العميد لهذا الحال؟ وهل خصم النقاط هو نهاية المشاكل أم بدايتها؟.
الكثير من عشاق المؤامرة يسعون وبكل ما أوتوا من قوة أن يجدوا أطرافاً خارجية تتحمل المشكلة، لأنه من الأسهل أن تتقبل الظلم بدلاً من أن تعترف بأن الخطأ (منك وفيك).
قضية مانسو كانت واضحة الملامح منذ البداية، ومن زعم أن الاتحاد السعودي هو المتسبب فيها يهرب من الحقيقة باحثاً عن تصوير نفسه بالضحية. الرواية التي تقول: إن الاتحاد السعودي (في بداية القضية)، قد تكفل بكامل مستحقات القضية بسبب أنه من أوقف التعاقد مع اللاعب للاتحاد والأهلي (طرفي النزاع)، أراها شخصياً قابلة للتصديق. فالاتحاد السعودي لكرة القدم آنذاك، قد قام بتغطية أخطاء سابقة لبعض الأندية، بل وقام بالدفع نيابة عنها لدى الفيفا. والتصريح الشهير للدكتور صالح بن ناصر الذي قال فيه: (قمنا بدفع مبالغ لدى الفيفا في قضايا تخص النصر والاتحاد حفاظاً على سمعة الكرة السعودية)، يُستدل به على أن مثل هذا التصرف (اللا مسؤول) المنطلق من مبدأ الحفاظ على السمعة وتحمل أخطاء الأندية التي يجب أن تكون على قدر المسؤولية المناطة بمسؤوليها، وحريصة على إعطاء كل ذي حقٍ حقه، قد كان يحدث فعلاً من باب الفزعات وليس من باب الواجبات والالتزامات.
ففي قضية مانسو ذاتها، هل حصل نادي الاتحاد على التزامٍ خطي من الاتحاد السعودي يضمن سداده للمطالبات؟ وهل قام نادي الاتحاد بمخاطبة الاتحاد السعودي بضرورة دفع تلك المبالغ طوال السنوات الماضية؟ ثم بعد كل ذلك، وبعد أن تأكد العميد أنه هو من سيقوم بالدفع، لماذا تم دفع أكثر من 90 % من المبلغ وتجاهل المبلغ المتبقي؟ فبمجرد دفع ولو جزء بسيط من المبلغ، تكون قد اعترفت بمسؤوليتك تجاهه. فلماذا إذاً يكابر بعضهم ويبحث عن شماعة خارجية؟
الأهم من ذلك كله، لماذا تجاهل نادي الاتحاد خطاب الفيفا الذي أرسل في شهر أغسطس الحالي الذي كان نصه حاداً وجاداً، وذُكر فيه عواقب عدم السداد؟ هل تجاهلته الإدارة الحالية، أم لم تعلم عنه؟ هل سقط سهواً من حساباتها، أم غُيّب عمداً من بعض أهل الدار الذين لم يخافوا الله في العميد وجماهيره؟
المصيبة الحقيقية التي حصلت هي تعامل الاتحاد السعودي لكرة القدم مع خطاب الفيفا الواجب النفاذ فوراً، وتأجيله بأعذار واهية جعلت الجميع يتساءل عن مدى حرص هذا الاتحاد على سلامة ونزاهة المنافسة. لماذا لم يُعلن عن الخطاب في وقته؟ ولماذا لم يتم خصم النقاط فوراً بلا تأخير؟ العذر المضحك المبكي كان (حفاظاً على معنويات لاعبي نادي الاتحاد)!!! وهل الاتحاد يلعب في بطولة خارجية تتطلب من اتحاد بلده المحافظة على مشاعره ومعنوياته المرتفعة؟ أم أنه يشرف على 14 نادياً يبحث عن مصلحتهم سواسيةً دون تفضيل طرفٍ على آخر؟
فما ذنب نادي الفتح أن تُراعى نفسية لاعبي منافسه في لقاء يبحث من خلاله ولو على نقطة هو في أمس الحاجة إليها لتبعده عن شبح الهبوط؟ وما ذنب الهلال وهو يدخل لقاء الديربي بتحفظٍ كبير خوفاً من خسارة تجعل ملاحقه القريب (الاتحاد) يتجاوزه في النقاط؟ وما هو ذنب الأهلي بعد أن تمت المحافظة على مشاعر الاتحاديين ولعبهم جولتين كاملتين حقق من خلالهما النقاط الكاملة، وهو يشارك الاتحاد نفس النقاط بعد أن كان من الممكن أن يستفيد من أي عثرة للعميد لزيادة الفارق النقطي؟ ومثله النصر الباحث عن المنافسة الذي بمجرد تعادل الاتحاد في إحدى جولتي (الحفاظ على المعنويات) سيجد نفسه في المركز الثالث متساوياً مع الاتحاد نقطياً ومتفوقاً عليه بالمواجهة المباشرة بينهما.
السؤال الأهم: لماذا راعى اتحاد (عيد) معنويات نادي الاتحاد في جولتين من الدوري متجاهلاً قرار الفيفا الصريح، وأعلن عن خصم النقاط قبل نصف نهائي كأس ولي العهد أمام الأهلي؟ هل أصبح القرار نافذاً فجأة، أم انتفت حاجة لاعبي العميد للحفاظ على معنويات لاعبيه؟
اتحاد عيد تلاعب بحظوظ منتخبات وأندية الوطن في تصرف جاهل ومنحاز بشكلٍ سافر، ولا ندري هل ستطالنا عقوبة التجميد والتي طالبت بها ثلاثة اتحادات آسيوية منافسة لنا في تصفيات كأس العالم، أم أن الفيفا ستغض الطرف عما حصل من تجاهل لقرارها. المضحك في الأمر أنه (و حتى لحظة كتابة هذا المقال)، لازال موقع الاتحاد السعودي لكرة القدم (الرسمي)، يخلو من جدول الترتيب حتى بعد أن تم إعلان خصم النقاط! ما هذا الضعف؟ وما هذا الهوان الجالب للمشاكل والعقوبات بلا داعٍ.
اختبار آخر فشل فيه هذا الاتحاد الضعيف، الذي سيغادرنا غير مأسوف عليه. داعين الله أن يأتي الخلف مخالفاً تماماً للسلف.
خاتمة:
عجبت لأناسٍ يسمعون نصف الحديث، يفهمون ربعه، ويتكلمون أضعافه.