كتب - محمد المنيف:
في بادرة ليست بالجديدة من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة، تمثلت في منح الجمعية السعودية للفنون التشكيلية مقراً في العاصمة الرياض، يشتمل على صالة عرض تتسع للمعارض التشكيلية من لوحات ومنحوتات ومكاتب إدارية وأركان للكتب الفنية التشكيلية وإصدارات الجمعية وأخرى تختص بالفن التشكيلي وركن للتسويق التشكيلي وورشة للتدريب. كل ذلك يأتي حرصاً من سموه الكريم لتمارس الجمعية دورها الوطني والتعريف بهذا الفن محلياً وعالمياً، البادرة التي تمثل عند التشكيليين جزءاً من التوجه الجديد لنهضة حضارية للوطن من خلال رؤية (2030) بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ستكون المملكة بها - بإذن الله - في ازدهار ورقي تسمو في كل المجالات، بادرة تكمل مع المبادرات الوطنية من رجال نذروا أنفسهم لخدمة أبناء الوطن كل في مجاله وقدراته سنداً للجهود الوطنية بمتابعة وحرص من ولي العهد محمد بن نايف بن عبد العزيز وولي ولي العهد محمد بن سلمان بن عبد العزيز في مسيرة مستقبل رؤية التحول نحو أفق يحمل البشر لأجيال تلو أجيال.
لقد جاءت هذه المبادرة والموقف من الأمير خالد الفيصل تعبيراً صادقاً لما يختلج في أعماقه من حرص على كل مبدع في هذا الوطن، ورسالة واضحة المعالم لفئة معطاءة من المبدعين الذين لا يألون جهداً من خلال فنونهم التشكيلية للتعبير عن تراث وطنهم وحبهم وولائهم لقيادة هذا البلد وإبرار القيمة التي حياها الله لهذه الأرض الخيرة والشعب الكريم، ولشحذ الهمة بالتأمل ثم العمل للمشاركة بهذا الجانب الثقافي الذي يمثله الفن التشكيلي في صناعة هذه المرحلة المتقدمة من التطور التي يرصدها كل منصف لمملكة الإنسانية في الداخل والخارج.
رئيس الجمعية الفخري يثمن المبادرة
ولا شك أن أبناء الوطن شيباً وشباباً يعرفون أن الأمير خالد الفيصل أمير الحكم والحكمة وسيرته ويرصدون مسيرته التي يعلمها الجميع في الأعمال الخيرية والعمل الإداري والأدبي والثقافي والشعر والفن التشكيلي، ويثمنون له كل أثر أبقاه في كل موقع عمل حمل فيه المسؤولية فأداها بأمانة، وبهذه المناسبة الوطنية عند الفنانين والفنانات التشكيليين منسوبي الجمعية السعودية للفنون التشكيلية، تحدث الرئيس الفخري للجمعية صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن محمد بن سعود بن عبد العزيز، الذي قال.. إن اهتمام الأمير خالد الفيصل بأبناء الوطن ليس بجديد، فهو من أطلق فكرة دورة الخليج الرياضية التي لمت شمل شباب الخليج، وهو من أنشأ مؤسسة الفكر العربي التي أنار بها مستقبل الشباب ودعا فيها للتضامن، وهو من أنشأ قرية المفتاحة التشكيلية... ورعى بدايات رواد الفن التشكيلي، مع الكثير الكثير من أعمال الخير للوطن وأبنائه.. ولهذا فوقفته مع الجمعية السعودية للفنون التشكيلية قطرة من غيث دعمه المتواصل زاد منسوبيها اعتزازاً بجمعيتهم، وسيحفظه أجيال تلو أجيال في هذا الوطن، فالجمعية رمز من رموز الثقافة والفنون التي تحظى باهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - حفظه الله - وولي عهده الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظهما الله.. وبهذه المناسبة أرفع لسمو الأمير خالد - حفظه الله - جزيل شكر وتقدير رئيس الجمعية وأعضاء مجلس إدارتها ومنسوبيها في مختلف مناطق المملكة على هذه المكرمة، داعباً الله أن تكون دافعاً لبذل الجهد من التشكيليين للمشاركة في ما يحظى به الوطن من رفعة وعز، محتفظين بقيم دينهم وتراث وهوية وطنهم.
تاج على رؤوس التشكيليين
مبادرة الأمير خالد الفيصل بمنح جمعية التشكيليين مقراً جديداً أضفى الكثير على نفوسهم كونها آتية من رجل يعي معاناة الفنانين دون شروط أو حدود لفترة البقاء، مع حرص سموه على تسليم المقر بأسرع وقت لعلمه بما تمر به الجمعية من ظروف مادية لا تؤهلها لاستئجار مقر بعد أن أخلتها إدارة معهد العاصمة النموذجي من صالة الأمير فيصل بن فهد للفنون التشكيلية لعدم قدرة الجمعية على سداد الإيجار، كونها من جمعيات النفع العام تغطي أنشطتها بالهبات أو دعم الشركات والبنوك، ليأتي هذا الدعم من سموه انطلاقاً من أهمية الشركة المجتمعية وأن المقر هو الأهم والأبرز للجمعية، إذ لا يمكن لأي مؤسسة أو مشروع ثقافي يعمل لعدد كبير من المبدعين أن يتحرك أو يخطط أو يرسم إستراتيجية مستقبلة إلا بالاستقرار المكاني (المقر).
من دعم الرواد إلى قرية المفتاحة
لست في هذا المقام مجارياً للأدباء والكتاب والمؤرخين الذين سطروا بأقلامهم مآثر الأمير خالد ومواقفه للوطن عامة وللفكر والثقافة، ولكني سأتحدث عن علاقته بالفن التشكيلي خاصة باعتبار سموه من الأسماء التي شرفت به الساحة التشكيلية بما لسموه من قيمة ومقام جعل لهذا الفن تقديراً واحتراماً في المجتمع مع ما منحه الجمعية من الرفع من شأنها بهذا الدعم، سبق ذلك ما أسهم به سموه في معارضه التشكيلية بتوثيق جمال البيئة وعن القضايا الإنسانية وعن مشاعره تجاه قادة الوطن بدءاً بالموحد الملك عبد العزيز، نقلها إلى العالم ولنا في اللوحة التي أطلق عليها عنوان (أبي يعيش في خاطري) التي رسمها لشخصه وهو يرسم والده ما يختصر كل ما يمكن الحديث عنه في جانب مسيرة سموه في الفن التشكيلي مع ما اشتمل عليه معرضه الأول عام 1405هـ على شرف صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - اشتمل على العديد من المواضيع منها لوحات عن الملوك والأمراء وأخرى عن المقناص ومجموعة عن البيئة الطبيعية في المملكة، وكذلك لوحات عن القضية الفلسطينية، تلاها معارض فنية من أهمها المعرض المشترك الذي أقامه مع الأمير تشارلز ولي العهد البريطاني ضمن مبادرة عرفت بمبادرة (رسم ورعاية) انطلقت عام 1999 ومنها معرض استوحاه سموه من قصائد شعراء الجاهلية.
كما لم تكن شركة الأمير خالد الفيصل للفن التشكيلي في حدود اللوحة والمرسم بقدر ما كان وما زال قريباً من التشكيليين، ولنا أن نعيد للذاكرة تشجيعه المبكر لفنانين أصبحوا رواداً ورموزاً للفن التشكيلي السعودي حيث قام سموه بافتتاح معرض للفنان الراحل عبد العزيز الحماد في منتصف السبعينات الميلادية، وافتتح معرضاً للفنان الراحل محمد السليم عام 1967م. وعندما يسرد أي موثق للفن التشكيلي السعودي مسيرة هذا الفن فإن قرية المفتاحة ستكون في مقدمة ما يستحق التوثيق، القرية التي أُنشئت بفكرة من الأمير خالد الفيصل عام 1408هـ وبدأت فعالياتها وتم افتتاحها في عام 1410هـ فأصبحت معلماً حضارياً في عسير.