ناصر الصِرامي
كان الجزء الثابت من العمل الصحفي بأشكاله أن نختم كل عام بجرد لحصاده الإخباري، فقد تحولت إلى عادة صحفية ثابتة تقريباً في كل وسيلة إعلامية أكثر من كونها إبداعية.
وتمتلئ الجرائد بصفحات عن الحصاد الرياضي والاقتصادي والسياسي والعلمي والفني.. مقدمة تنوعاً مذهلاً ومفيداً لذاكرة كل عام منصرم، وكذلك تفعل القنوات التلفزيونية، جميعها في الغالب تتفق مع المحتوى القادم من مصادر الأخبار ووكالات الأنباء.
المنافسة تكمن فقط في طريقة العرض واختيار الصور والإخراج المناسب، لكن المحتوى يبقى متقارباً حسب رصد وكالات الأنباء وصناع المحتوى العالميين.وربما يجتهد صحفي جيد في إضافة محتوى محلي لهذه الجردة السنوية.
يحدث اليوم أن تبدأ جردة الأحداث السنوية قبل نهاية العام بشهر على الأقل، وتشارك في إعادة النشر المواقع الإلكترونية العربية التي لا تملك من الإمكانات المهنية إلا النقل وبعض التعديل في أحسن الأحوال.
لكن الوضع مختلف اليوم، فذاكرتنا الصورية للعالم وعبر ما تحمله لنا محطات الأخبار المحلية والإقليمية والدولية، وأحداث منطقتنا، أسهمت ولاشك في خلق اللا توازن لصورة العالم اليوم.
الصورة الأكبر هي للمنكوبة حلب التي كشفت عن العالم في أقل مستوياته الإنسانية، وهي القصة الباقية في ذاكرة هذا العام التعيس، بل في ذاكرة اللا ميالة البشرية.
لم نعد نهتم كثيراً لأمر كل الاكتشافات العلمية والطبية والتقنية المثيرة التي تستحق الاحتفاء بتفوقها، إلا أننا لا يمكن أبداً أن نتجاهلها، حتى وإن تجاهل العالم أطفال ونساء وشيوخ حلب وما حولها.
في هذا العام الذي لا يخلو من عار على الإنسانية، ونمو مشردي ومصابي الحروب والنزاعات والصراعات على كوكبنا، طور الباحثون تقنية جديدة لزراعة عظام اصطناعية في المختبرات من دون استخدام المواد الكيميائية أو الأدوية، وإنما بمساعدة الموجات المتذبذبة.
ويتم ذلك بأخذ خلايا جذعية من النخاع الشوكي، تُزرع في أماكن أخرى من الجسم، مما يؤدي إلى نمو خلايا العظام بعد تحفيزها بواسطة الموجات في وقت لاحق.
وكأن ذاكرة الأجيال لا تكفي لتسجيل المزيد من النكبات البشرية في أفظع صورها، استخدم علماء بجامعة ساوثهامبتون، بنجاح هياكل- نانو زجاجية لإنشاء عملية لتسجيل واسترجاع المعلومات المفقودة.
جهاز التخزين عبارة عن قرص زجاجي صغير، حجمه تقريباً بحجم عملة معدنية، وهذا الجهاز يستطيع تخزين ما يفوق 360 تيرابايت TB من البيانات، كما أن المدة التي يمكن أن تبقى فيها هذه البيانات على حالها ستكون حوالي 13.800.000.000 سنة! (تقريباً عمر نشأة الكون). فمثل هذه الكوارث الإنسانية اليوم ستبقى في هياكل زجاجية محفوظة وعصية على الفناء، تفضح الإنسان البدائي في القرن الواحد والعشرين!
وبما أن كوكبنا يضيق بأفعال أهله وفظائعهم وجنونهم وتوحشهم، فقد جاد علينا الفضاء بكوكب جديد، فقد اكتشف معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في بداية هذا العام كوكباً تاسعاً جديداً في النظام الشمسي، يفترض العلماء أن يكون الكوكب الجديد المنضم حديثاً للنظام الشمسي متساوياً في الحجم تقريباً مع كوكب الأرض وكتلته تفوق كتلة الأرض بـ10 مرات.
ولا يزال العلماء في بحث متواصل لوجود كوكب خارجي يحمل مواصفات الأرض ويمكن العيش فيه، لأن جنون البشر لن يتوقف إلا بتفجير أنفسهم وعالمهم.. وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا!
إلى اللقاء...