عبده الأسمري
من الأصوات الشجية يمتلك حنجرة تمتلئ روحانية ولسانا يتلألأ فصاحة يصدح بالقرآن ويجود بالبيان من جيل أئمة الحرم الذي كانوا وسيظلون «مدارس صوتية وأكاديميات بشرية « في مجال الإمامة والخطابة وهم يقفون على أعظم منصة شرف في الأرض كـ أئمة وخطباء في الييت العتيق بيت الله الحرام يؤمون الملايين في شعيرة الصلاة ويؤتمنون على أغلى رسالة خطابية دينية.
إنه الدكتور سعود الشريم أحد أئمة وخطباء الحرم المكي الشريف معلم القرآن والعالم والمؤلف الاسم الذي تعرفه القارات وتحتضن صوتة «الشهير» مكتبات العالم الصوتية.
بوجه تملؤه علامات «الضياء» وتنعكس عليه «إضاءات» نور القرآن وملامح وقار التدين واستقرار الاعتدال وأسرار الامتثال وعينان واسعتان تتحرك عالياً بإيحاءات العلم وتتنازل بإيماءات التواضع وروحا تضخ جمالا وصوت يمثل «هبة ربانية» و»موهبة إنسانية» وكلمات تتقاطر حسنا وبهاء يطل الشريم بصوت وهبه «الوهاب» يتلو الشريم القرآن آناء الليل وأطراف النهار في الحرم المكي ليصل صوته منقولا إلى كل أرجاء المعمورة «سفيرا» للقرآن وحاملا تاج «كرامة» يسير ببسمته أمام زوار البيت العتيق متجها لمهمته الأعظم في إمامة المصلين يحمل على عاتقه مهمة الشرف وفخر المهمة إذا ذكر اسمه تذكرت القلوب «جمال التلاوة» واستذكرت العقول «تراتيل الجمال».
في مكة المكرمة الطاهرة الباهرة مكانا وعلوا ومقاما وفي البيت العتيق وفي صحن الطواف ومن أمام «الكعبة المشرفة» تتجلى أبرز مشاهد سيرة الشريم بشهرة بلغت «الآفاق» عنوانها «القرآن» وتفاصيلها مهمة «إمامة وخطابة» ونتاجها «تلاوة تطرب الأسماع وتشبع الأرواح وتسعد الخواطر وتبهج الأنفس» بآيات من الذكر الحكيم في صلوات مفروضة وفي صلوات التراويح والتهجد وفي خطبة الجمعة. ظلت «تاريخا حافلا» ومنهجا جائلا ينشده الدارسون في رحاب القرآن والباحثون عن إعجاز التلاوة والمحبون لجمال الآيات.
الشيخ سعود الشريم سليل أسرة اشتهرت بالعلم والمسؤولية من شقراء الغناء بإنتاج المؤثرين ولد بمدينة الرياض عام 1386هـ. درس فيها مراحل التعليم العام حضر عدة دروس لمفتى عام المملكة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله والشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بن جبرين رحمه الله في منار السبيل في الفقه، وكذا الاعتصام للشاطبي، ولمعة الاعتقاد لابن قدامة وكتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وفقه الأحوال الشخصية بالمعهد العالي للقضاء أثناء دراسته. ودرس على يد العديد من المشايخ وأصحاب الفضيلة في نجد أثناء دراسته الجامعية. التحق الشيخ الشريم بكلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة وتخرج فيها عام 1409هـ ثم التحق عام 1410هـ بالمعهد العالي للقضاء ونال درجة الماجستير فيها عام 1413هـ.
في عام 1416 هـ تفرغ لنيل درجة الدكتوراه بجامعة أم القرى. وقد نال الشهادة بتقدير (امتياز) وكانت بعنوان (المسالك في المناسك) ثم نال درجة الأستاذية (بروفيسور) في الفقه المقارن.
سيرة عملية مضيئة للشيخ الشريم توازي ما يمتلكه من شهادات ودرجات علمية حيث تعين أستاذا بالمعهد العالي للقضاء ثم تعيينه بأمر ملكي إماما وخطيبا بالحرم المكي الشريف وعمل قاضيا ومدرسا في الحرم المكي وأستاذا في كلية الشريعة بجامعة أم القرى وبعد حصوله على الأستاذية في الفقه تم تعيينه عميدا لكلية الدراسات الفقهية والأنظمة.
ألّف الشيخ الشريم عشرات المؤلفات في العقيدة والمذاهب المعاصرة والفقه المقارن والعلم الشرعي تجاوزت الـ15 مؤلف وعشرات الدروس في الحرم درس من خلالها مئات المتعلمين الذين نهلوا من علمه الشرعي وتلاوته «الفاخرة».
الشيخ سعود الشريم شخصية شكلت «قامة إيمانية» و»استقامة روحانية» قدمت «إنتاجا خالدا بتلاوة مميزة للقرآن الكريم تعمقت في الأذهان وانطبعت في الوجدان ممثلا سيرة نيرة من العلم مستنيرة من العطاء.