جاسر عبدالعزيز الجاسر
قبل خمسة وثلاثين عاماً اتخذ مجلس الأمن الدولي قراراً برفض إقامة الكيان الإسرائيلي مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومنذ ذلك أي منذ عام 1982 أقام الكيان الإسرائيلي المئات من المستوطنات التي انتشرت كخلايا سرطانية في جسم الوطن الفلسطيني مما يجعل من تنفيذ المقترح الأمريكي بإقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية على أرض فلسطين عملية صعبة جداً إن لم تكن مستحيلة، ورغم تأكيد جميع الإدارات الأمريكية التي تعاقبت على حكم أمريكا والإقامة في البيت الأبيض، إلا أن «الفيتو» الأمريكي منع وطوال الأعوام الخمسة والثلاثين صدور قرار مماثل يمنع الإسرائيليين من الاستمرار في بناء المستوطنات ويوم الجمعة في «صحوة متأخرة» لإدارة أوباما سمحت واشنطن لمجلس الأمن الدولي من إصدار قرار اعتبره الكثيرون «قراراً تاريخياً» لأنهم «ظنوا» أنه قرار يصدر لأول مرة من مجلس الأمن فقد أدى طول المدة «35 عاماً» إلى نسيانه ومحوه من الذاكرة العربية والدولية وخوفي أن تمحى فلسطين من الذاكرة العربية..!!
عموماً القرار الذي صدر يوم الجمعة الماضي، سواء كان الأول من نوعه أو تكراراً لما سبق أن أقره مجلس الأمن الدولي يعد فعلاً قراراً تاريخياً، لأنه أظهر أن المجتمع الدولي قادر على التصدي لإسرائيل وأيضاً قادر على إجبارها على تنفيذ القرارات الدولية بشرط أن تتخلى أمريكا عن دعمها ومساندة ظلمها للشعب الفلسطيني وحمايتها من العقوبات التي تفرض على منتهكي حقوق الإنسانية والتي تمادى الإسرائيليون كثيراً في ارتكابها نتيجة ما وفرته الإدارات الأمريكية المختلفة من تحصين لأعمالهم التي يرتكبونها ضد البشر.
في تصويت يوم الجمعة امتنعت الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت في حين أيدت القرار أربع عشرة دولة ليصبح القرار نافذاً والذي قدمته ماليزيا والسنغال وفنزويلا ونيوزلندا وامتناع أمريكا عن التصويت هو تأييد ضمني للقرار وهو ما أغضب الإسرائيليين أكثر من تصويت الدول الأخرى بما فيها مقدمة مشروع القرار وبالذات نيوزيلندا والسنغال اللتان هددهما نتنياهو باتخاذ إجراءات عقابية منها وقف المساعدات التي تقدمها الدولة الصهيونية للسنغال وسحب السفيرين من نيوزيلندا والسنغال في حين لا توجد سفارات لإسرائيل في ماليزيا وفنزويلا والتصويت الأمريكي الذي أغضب نتنياهو وأصدقاءه في واشنطن صفعة وداع من أوباما لنتنياهو لتكون خير وداع لشخصين تميزت علاقاتهما بالكره الشديد لشخصين لم يخفيا ذلك الكره المتبادل وقد وجد ضالته في مشروع قرار إدانة استمرار إسرائيل في إقامة المستوطنات ليوجه صفعة وداع لنتنياهو، ويكبل الرئيس الأمريكي القادم ترامب للحد من اندفاعه في دعم الكيان الإسرائيلي.