حمّاد السالمي
* أطاحت الأجهزة الأمنية في المملكة العربية السعودية مؤخرًا بشبكة جاسوسية مكونة من (33 جاسوسًا)، يعملون في المملكة لصالح المخابرات الإيرانية والإسرائيلية، وصدرت ضدهم أحكام بالقتل والسجن. من هؤلاء: ثلاثون جاسوسًا خائنًا من السعوديين، وإيراني وأفغاني وأردني، وكأن المخابرات الصفوية والموساد الإيراني معًا يخططان ضد المملكة العربية السعودية. الأردني كان يتجسس لصاح الموساد الإيراني، بينما البقية يتجسسون لصالح إيران. ومن هؤلاء الخونة السعوديين -مع الأسف- أكاديميون ومتعلمون بشهادات عالية، ولكنها الخيانة تأبى إلا أن تعمي أصحابها.
* من الطبيعي جدًا أن تصدر ضد هؤلاء الخونة أحكام مغلظة، وأن يغضب الشعب السعودي كله من هذا الفعل الشائن، فالخيانة الوطنية هي من أكبر وأعظم الجرائم في العالم، والخائن لوطنه يلفظه وطنه، ويلعنه أهله، فلا أرض وطنه تقله، ولا سماؤه تظله. يكفي الخائن وطنه أنه اصطف إلى جانب أعداء بلده وأهل بلده، وهو يعرف أن فعله يهدد مصير بلده، ويزعزع أمن وطنه.
* إن كل من يتعاطف مع أعداء الوطن سرًا أو علانية هو خائن خيانة عظمى، يجب أن يحاسب ويعاقب بأشد العقوبات. من يمد الأعداء بمعلومات، أو مال، أو يحرض ضد وطنه، أو يخلع بيعة الحاكم ويلتحق بعدو كإسرائيل وإيران، أو يتعاطف وينضم لجماعات إرهابية حزبية وحركية مثل إخوان الشياطين، والقاعدة، والنصرة، و(دولة الخرافة الإسلامية)، وبوكو حرام وخلافها، هو خائن وطني بامتياز، وعدو صريح للوطن والمواطنين، وخصم خبيث للدولة والمجتمع، حتى لو تلبس بالدين، وتذرع بنواقض شرعية في زعمه. هؤلاء كلهم بما فيهم الجواسيس هم في سلة واحدة، وصف واحد، وفئة خائنة، لا مكان لها في البلد الذي تعيش وتعيث فيه فسادًا وإرهابًا.
* هل يوجد على وجه الأرض من هو أحقر وأنذل من إنسان؛ يأكل ويشرب معك؛ وهو يضمر الشر لك ليل نهار. سألوا (هتلر) قبل وفاته: من أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتك..؟ قال: (أحقر الناس الذين قابلتهم في حياتي؛ هؤلاء الذين ساعدوني على احتلال أوطانهم)..!
* الوطن هو حبيب الإنسان، وابنه، وأبوه، وأمه؛ فمن يخون الوطن فقد خان كل هؤلاء..!! هذا الوطن الذي صورته منابر الصحوة غير المباركة، على أنه وثن، وهذه هي نتيجة كارثية واحدة؛ من نتائج الخطاب الديني المضلل والمتطرف، الذي هو فاسد في نفسه، ومفسد لغيره.
* خيانة الصديق أو الحبيب والقريب خيانة لفرد، أما خيانة الوطن فأثره على أمة بأكملها. ومن خان وطنه فقد عق أمّه، وخذل أمة. وصدق شاعرنا العربي الذي قال:
موطنُ الإِنسانِ أمٌ فإِذا
عقَّهُ الإِنسانُ يوماً عقَّ أمَّه
«إن الجاسوسية مهنة وضيعة، وخدمة خسيسة، يؤديها سفلة الناس لطغاة الناس، الذين لا يهتمون إلا بمصالحهم، ولا يتورعون عن البصق على عملائهم السفلة، والتخلص منهم بعد استنفادهم. إن سجلات التاريخ؛ تحفظ لنا الكثير من قصص الجواسيس، التي تصلح لأن تكون عبرة لمن يعتبر. ومنها على سبيل المثال: أن القائد العسكري الشهير (نابليون بونابرت)؛ عندما شعر بالانكسار نتيجة خسارته في معركة (اسبرن)، طلب من ضباطه أن تكون المعركة استخبارية، وبدأ ضباطه يبحثون عن جاسوس نمساوي يساعدهم على الدخول الى النمسا، من خلال نقطة ضعف في الجيش النمساوي، وبعد جهد جهيد، وسعي حثيث، عثروا على رجل نمساوي كان يعمل مهربًا بين الحدود، واتفقوا معه على مبلغ من المال إذا هم استفادوا من معلوماته. فدلهم الخائن على منطقة جبلية يوجد فيها جيش نمساوي قديم، لكون المنطقة شبه مستعصية .وبالفعل.. تمكن الجيش الفرنسي من اقتحام المنطقة واحتلالها، وبعد أن استقر الوضع لفرنسا؛ جاء الخائن النمساوي لمقابلة (نابليون بونابرت)، فأدخلوه على الإمبراطور وكان جالسًا في قاعة كبيرة، وما إن رأى (نابليون) ذلك الجاسوس النمساوي؛ حتى رمى له بقبضة من النقود في صرة على الأرض؛ ليأخذها ثمن خيانته وجزاء أتعابه، فقال الجاسوس- كعادة أمثاله: سيدي العظيم؛ يشرفني أن أصافح قائدًا عظيمًا مثلك. فرد عليه نابليون: أما أنا فلا يشرفني أن أصافح خائنًا لوطنه مثلك. وانصرف الجاسوس، وبصق عليه نابليون من وراء ظهره..!! وكان كبار القادة جالسون عنده، فتعجبوا من تعامل نابليون مع الجاسوس؛ على الرغم من أهمية الأخبار التي نقلها لهم؛ وكانت سبباً في انتصارهم. وسألوه عن السبب فأجاب (نابليون) بعبارة هي من أروع عبارات التاريخ الحديث عن الخائن والخيانة. ماذا قال..؟ قال: (إن الخائن لوطنه، هو كمثل السارق من مال أبيه ليطعم اللصوص، فلا أبوه يسامحه، ولا اللصوص تشكره)!!
* كم بصقة تنتظرها جباه الخونة لوطنهم وأهلهم، من ملالي إيران، وعسكريي الموساد، ومن زعماء الإرهاب في داعش، والقاعدة، وجفش، وقادة التحريض، وشيوخ التأليب باسم الجهاد الإسلامي المفترى عليه..؟!
ومن لم تكنْ أوطانهُ مفخرًا لهُ
فليس له في موطنِ المجدِ مفخرُ
ومن لم يكن في قومهِ ناصحًا لهم
فما هو إِلا خائنٌ يتسترُ
ومن كانَ في أوطانهِ حاميًا لها
فذكراهُ مسكٌ في الأنامِ وعنبرُ
ومن لم يكنْ من دونِ أوطانهِ حمًى
فذاك جبانٌ.. بل أَخَسُّ وأحقرُ