صدر مؤخراً الأمر السامي الكريم بتعيين معالي الأستاذ صالح بن منيع بن صالح الخليوي عضواً في مجلس الشورى، وذلك بعد أن أمضى عقداً من الزمان (عشرة سنوات) في خدمة الجمارك السعودية،كان العنوان الأبرز لهذه العشرة سنوات هو النجاح والإنجازات حتى غدت الجمارك السعودية في مصاف الجمارك العالمية.
ومن حسن حظي أني عملت في الجمارك السعودية التي أتشرف بالانتساب إليها، وخلال فترتي العملية التي ليست بالقصيرة اكتسبت خلالها الكثير من الخبرات والمعارف، لكن أفضل ما اكتسبته من خبرة ومعرفة كان خلال العشرة سنوات الماضية والتي عاصرت فيها معالي الأستاذ صالح الخليوي وهو رجل غني عن التعريف.. وكما يقال إن الذهب يمتحن بالنار والرجال بالتجارب، وبالفعل كان معاليه خير معين ليس لي فحسب بل لكل منسوبي ومنسوبات الجمارك السعودية، فهو كان نعم القائد ونعم الموجه، فبحنكته الإدارية استطاع أن يقفز بالجمارك السعودية إلى المستويات التي يتطلع إليها ولاة الأمر -يحفظهم الله-.
هذا النجاح الذي تحقق للجمارك السعودية خلال العشر سنوات الماضية كان نتاج فكر إداري ناضج تميز به معالي الأستاذ صالح الخليوي الذي عمل على إذكاء روح التعاون والتكامل بين العاملين في المصلحة، مع توفير بيئة تسودها العدالة والمساواة والشفافية فى التعامل مع الجميع، وكان يعمل على تطوير الأداء من خلال تبادل المعارف والاستشارة والاستعانة بذوي الكفاءة ومن ثم تعزيز روح المنافسة الشريفة وأن تتغلب روح الفريق والنجاح الجماعي على نزعة النجاح الفردي، حيث يتحول التفاوت الفردي في القدرات لصالح الفريق، وقد كان يتبع سياسة الباب المفتوح والتعامل بسلوك حضاري راق، فلذلك من الطبيعي أن يكون النجاح حليفاً لرجل هذا ديدنه وهذا نهجه.
قفزات عالية
ولذلك شهدت الجمارك السعودية ولله الحمد قفزات عالية خلال الفترة الماضية وبصورة خاصة خلال العشر سنوات الماضية، مما أهلها بأن تحتل موقعاً مرموقاً على كافة المستويات العربية والإقليمية والدولية ويكفي الجمارك السعودية فخراً أنها الجمارك الوحيدة في العالم التي استطاعت أن تنظم على التوالي، أربعة منتديات عربية والخامس قريباً في مكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية، وذلك بمشارك إقليمية ودولية عريضة لم يسبق لها مثيل.
ومن المعروف أن معظم هذه الإنجازات والقفزات التي حققتها الجمارك السعودية، تمت إبان فترة تولي معالي الأستاذ صالح الخليوي جهاز الجمارك هذا الصرح الوطني الشامخ الذي يعد فخراً للوطن وأبنائه.
ولا يمكن اختزال أو رصد تلك الإنجازات رصداً كاملاً والتي تمت خلال العشر سنوات الماضية، نسبة لغزارتها وتعددها، سواء كان على المستوى الداخلي أو الخارجي.. فقد أجمع كافة منسوبي الجمارك على قيامه بإحداث نقلة نوعية للجمارك السعودية بفضل ما يتمتع به من نظرة نافذة، وعقل مدبر، وخبرات عريضة في مجال العمل الإداري.
صدارة الجمارك عالمياً
ومن أكثر الإنجازات التي تفتخر بها الجمارك السعودية في عهده، تصدرها وعلى مدى أربع سنوات متتالية جمارك الدول الأعضاء في منظمة الجمارك العالمية والبالغ عددها نحو 180 عضو في مجال التصدي لمكافحة الغش التجاري وحماية حقوق الملكية الفكرية.
وقبل ذلك هناك إنجاز كبير حققته الجمارك السعودية تمثل في حصولها على المركز الأول عالميا في مكافحة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية الفكرية، من بين جمارك الدول الأعضاء في منظمة الجمارك العالمية وذلك عام 2012، متفوقة على نحو 180 إدارة جمركية عالمية.
شهادات عالمية
وكذلك من الإنجازات التي تمت في عهده حصول عشرة إدارات بالجمارك السعودية على شهادة عالمية وهي شهادة الآيزو العالمية لتطبيق نظام إدارة الجودة، بالإضافة إلى حصول خمسة منافذ على نفس الشهادة، بالإضافة للعديد من الجوائز الخارجية والمحلية والتي كان آخرها حصولها على المركز الأول لجائزة التميز الرقمي التي نظمتها هئية الاتصالات وتقنية المعلومات، وما كان لهذا الإنجاز أن يتحقق لولا وقوف إدارة واعية خلفه تدرك تماماً ماذا تريد أن تفعل.
التعرفة الجمركية
كما لا يفوتني في هذا الصدد الإشارة إلى الإنجاز اللافت الذي حققته الجمارك السعودية والتمثل في تطوير جدول التعرفة الجمركية ونقله إلى ما يسمى بجدول التعرفة الجمركية المتكاملة، لتصبح بنود التعرفة الجمركية (السعودية) مكونة من (12) خانة.. ووظفت الجمارك في عهده أحدث التقنيات لاختزال الإجراءات وإنجاز العمل الجمركي في أسرع وقت ممكن، فجاء الربط الآلي مع الجهات الداخلية، الحكومية والخاصة، ومع بعض دول الجوار، ليكون له بالغ الأثر في تسهيل حركة التجارة للمستوردين والمصدرين، وطبقت الجمارك السعودية نظاماً حديثاً لرصد وتتبع الشاحنات، وهو نظام تتبع الشاحنات بالأقمار الصناعية العابرة "الترانزيت". وكذلك، من أبرز الإنجازات قيام الجمارك السعودية بتطبيق مفهوم النافذة الواحدة بشقيه المكاني والزماني، فكل هذا الإجراءات والإنجازات ساهمت بقدر كبير في تبسيط وتقليص إجراء العمل الجمركي بصورة عامة.
زيادة الإيرادات
وكذلك من أهم الإنجازات التي حققتها الجمارك السعودية خلال تولي معاليه لرئاستها الزيادة الكبيرة والمطردة للإيرادات الجمركية، فبعد أن كانت الإيرادات في عام 2006م (11.294.949) مليار فقد وصلت في عام 2015م إلى (26.768.262) مليار ريال، أي بزيادة بلغت 9.4 %.
الاتفاقيات الاقتصادية
وقد لعبت الجمارك السعودية خلال فترة معالي الأستاذ صالح الخليوي دوراً رئيسياً في الاتفاقيات الاقتصادية الثنائية والجماعية التي أبرمتها المملكة مع أهم الشركاء التجاريين، حيث تمثل دور الجمارك في حرصها على الحصول على أكبر ميزات تفضيلية تتمثل في الحصول على الإعفاء أو تخفيض معدلات الرسوم الجمركية والضرائب على المنتجات السعودية لتمكين القطاع الخاص من تصدير منتجاته والمنافسة في الأسواق الإقليمية والعالمية، وذلك أن هذه الاتفاقيات تمت في إطار جامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي ومنظمة التجارة العالمية.
تطوير المنافذ
والمتابع لمسيرة العمل الجمركي وخصوصاً الذين لهم إرتباط وتعامل مع الجمارك السعودية يلحظون النقله التطويرية الكبيرة التي شهدتها كافة المنافذ الجمركية (البرية -الجوية -البحرية)، وذلك من خلال دعم البنية التحية ومد هذه المنافذ بأحدث التقنيات، وتأمين كل ما يساعد على تبسيط وتسهيل الإجراءات الجمركية ونقل الصورة الحضارية عن المملكة وإحكام الرقابة وضمان عدم الأخلال بالجوانب الأمنية والرقابية، وذلك بتوفير الكوادر البشرية من الموظفين بعد تدريبهم وتأهيلهم للقيام بالأعمال الجمركية كذلك تأمين جميع الوسائل التي تساعد على دفع حركة التجارة الخارجية ومنها أجهزة فحص المركبات والحافلات والشاحنات بالأشعة والوسائل الحية والتطبيقات والنظم الآلية ونحمد الله بان كل هذه الإمكانات آتت بثمارها متمثله بسرعة الإجراءات مع الحرص والدقة في التفتيش وقد تم بحمد الله إحباط عدد كبير من محاولة إدخال الممنوعات والبضائع المغشوشة أو المقلدة إلى المملكة.
البدلات والمكافآت
وكان نجاح هذا العمل الكبير مرتبط بعد توفيق الله على جهود العاملين في هذه المنافذ، وذلك لم يغب عن فطنة الخليوي الذي وعد وأوفى للعاملين في المنافذ الجمركية لا سيما العاملين في المنافذ الحدودية النائية فصدرت حوافز مادية لمنسوبي الجمارك العاملين في هذه المناطق، ليس هذا فحسب بل شهد عهده صرف مكافآت الضابطين أول بأول، وذلك لتحفيزهم لبذل المزيد من الجهد وتحقيق النجاحات المتتالية.
رفع القدرات
وكان معالي الأستاذ صالح الخليوي يعتبر أن العنصر البشري بالجمارك محور العمل ومن تقوم عليه كل الإنجازات، لأنه أساس التطوير والارتقاء نحو آفاق عالية. لذلك فقد اهتم معاليه، اهتماماً كبيراً برفع قدرات منسوبي الجمارك، سواء الجدد منهم أو من هم على رأس العمل، وقد أنشأ في عهده معهداً للتدريب الجمركي، بالإضافة إلى تأهيل العاملين داخلياً وخارجياً تأهيلاً نوعياً، أو إبتعاث الكثير منهم لينالوا تدريبياً وتأهيلاً على أعلى مستوى.. كما تم توظيف الآلاف من المواطنين أصحاب الكفاءات العالية.
جوانب إنسانية
وهناك جوانب إنسانية لمعالي الأستاذ صالح الخليوي قد لا يعرفها الكثيرون، ولكن بحكم عملي مديراً عاماً بالعلاقات العامة كنت شاهداً عليها، ومن ذلك مواقفه مع بعض الوفود الزائرة للجمارك وخصوصاً من الدول العربية والأفريقية، الذين كانوا يتوقون لزيارة الأراضي المقدسة وبرنامج زيارتهم لا يتضمن ذلك وقد يكون في بعض الأحيان إمكانياتهم المادية لاتسمح بذلك، لكن معاليه بمجرد علمه بأشواق الزائرين لزيارة بيت الله كان يأمر بترتيب برنامج للوفود الزائرة لأداء العمرة وتقديم كافة المساعدات لهم، وهذا غيض من فيض لمواقف معاليه الإنسانية.
محب للإعلام
هذا الرجل المحب للإعلام والإعلاميين لإداركه بأهمية الإعلام في وقتنا الراهن، ولذلك كان يحرص على المشاركة كل الفعاليات والأنشطة التي تخص الجمارك أو مع الجهات ذات العلاقة داخلياً وخارجياً، لذلك ليس بغريب أن تتبوأ الجمارك السعودية في عهده مكاناً مرموقاً إقليمياً ودولياً، فعلينا الحفاظ على هذه المكانة المرموقة.
مشاعر صادقة
كل ماذكرته عن معالي الأستاذ صالح الخليوي هو عبارة عن نقطة في بحر من سجل إنجازاته ونجاحاته، ولذلك حظي بحب وتقدير كافة منسوبي الجمارك، فلا غرابة أن يتدافع منسوبو الجمارك للمشاركة في توديع معاليه، في احتفال تم بطريقة عفوية ومؤثرة، فكان ذلك أصدق تعبير عن المكانة الكبيرة التي يتمتع به وسط منسوبي الجمارك السعودية.
وبعد صدور الأمر السامي الكريم بتعيين معالي الأستاذ صالح الخليوي عضواً في مجلس الشورى، يستطيع أن شاء الله أن يوظف فيه كل خبراته السابقة من أجل المصلحة العامة.. فعضويته في مجلس الشورى ستمثل له إن شاء الله مكاناً آخر يظهر فيه قدرات وخبراته العديدة بما يتفق مع مصلحة الوطن والمواطن.. والله ولي التوفيق والسداد.
- مدير تحرير مجلة الجمارك السعودية