سعد الدوسري
على مدى يومين، وتحت سقف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بباريس، حاول عدد من المهتمين باللغة العربية أن يضعوا أصابعهم على جرحها الأعمق:
لماذا لا تنتشر؟؟ ولماذا تهددها العامية؟؟
ومهما كان الحال، فالعربية تعاني دوماً من كونها لغة لا يرافقها منتج علمي أو صناعي، وبالتالي لن يقرأها إلا أهلها. وحتى أهلها، بدأوا يضمحلون، لأن لغات الدول المنتجة صارت أكثر أهمية بالنسبة لهم. كما أن العامية بدأت تأخذ مكانة أكبر، كون الإعلام اتخذها وسيلة للتوصيل، على حساب الفصحى الغارقة في قوالب غير متجددة.
لقد كنت أقول، وسأستمر أقول، بأن اللغة تحتاج للإعلام، وليس العكس. تحتاجه لكي يسهم في إيصالها بشكلها غير المقعر وغير المنعزل عن الذائقة السمعية؛ لا أحد ينكر أن الفصحى هي اللغة الأكثر حضوراً في أفلام الرسوم المتحركة، وأن الأطفال يستمتعون بها ويحفظون أناشيدها عن ظهر قلب، فلماذا تتحول ذائقتهم بعد ذلك إلى العامية المتجذرة في المناطقية والقبلية، على الرغم من توحدهم تحت مظلة لغة القرآن؟! السبب يعود إلى أن الإعلام التقليدي والجديد، لم يكمل راية الاهتمام باللغة، وتركها تتحطم تحت أقدام البرامج المقروءة والمسموعة والمرئية، خاصة الإلكترونية.
على الإعلام أن يتحمل مسؤوليته، وأن يحترم اللغة العربية، ويسهم في فرض احترامها على الآخر، فإذا كنت تنتقص من شأن لغتك، فلن يحترمها أحد.