القاص محمد حامد صدرت له مجموعة قصصية بعنوان: (لا أحد يعبر الجسر).. تضمنت عدداً من القصص القصيرة مثل: (السلوة.. هذا العذاب.. القلب الشاعر.. ظمأ الروح.. التفاحة المشؤومة.. رجل وامرأة.. دموع بريئة).. ويقول في إحدى قصص المجموعة:
تكالبت الهموم هذا الفيلسوف يوماً فخرج من منزله وقد طفلت الشمس للغروب، فما زال يتخير الأمكنة والبقاء، حتى أوى إلى صخرة قد استقبلت بحراً ضخماً واستدبرت مرجاً معشوشباً مدهاماً، وفي شرقيها المدينة هائجة مائجة، صاخبة داوية، وفي غربيها قصر عتيق مثلم الجنبات متداعي الأركان فأخذ الفيلسوف بحلسه من ذلك المنظر الفخم، وجعل تارة يسرح الطرف في البحر الواسع فتطير شعاعاً فوق صفحته أشجانه وتذوب في هدير أمواجه آهاته وأحزانه.. وتارة ينثني نحو المرج يداعب منثور زهرة، ويتسمع سجع طيره، وأخرى يلتفت إلى القصر يسأله أخباراً من نزلوه ثم ارتحلوا عنه، وكانوا أحاديث، حتى إذا ما ارتوى الفيلسوف من نسيم البحر وعبير الزهر وحديث القصر تناول هراوته وزر معطفه وعاد يؤم المدينة متثاقل الخطى.