الثقافية - محمد هليل الرويلي:
كشف رئيس النادي الأدبي الثقافي في منطقة تبوك الدكتور نايف الجهني أن إصداره «الكارما في الإسلام» يعد الأول من نوعه في العالمين العربي والإسلامي وقال: أحمد الله أن أكون أول من أصل في هذه المسألة التي تهتم بقضية الحياة الذاتية وانعكاسها الخارجي في الواقع الذي يرتبط بقانون الفعل ورد الفعل أو السبب والنتيجة أي أن الكارما تبحث في مسألة ما نناله من ثواب أو عقاب نتيجة أعمالنا أو نتيجة تصرفاتنا الداخلية ونوايانا وبين أن الكتاب الآن وصل لطبعته السابعة مبديًا سعادته بأنه قدم رؤية في «الكارما» من خلال القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وما ورد في ديننا فيما يتعلق بقوله صلى الله عليه وسلم (افعل ما شئت فكما تدين تدان) والكتاب ألقى الضوء على عديد من الجوانب التي يمكن الاستفادة منها في معالجة الأمراض النفسية والجسدية، كما ناقش الكتاب علاقة التفكير وقلت: إنه لا يوجد أمراض بالشكل الدقيق وإنما يوجد أفكار سلبية تنعكس على شكل مرض هذا المرض يأتي لتطويرنا وتطهيرنا وتنبيهانا أن هناك مشكلة في التفكير أو مشكلة في نوايانا يجب أن نغيرها باستمرار وما زلت أواصل في كتابة سلسلة الكارما في الإسلام وقريبًا سيصدر لي كتاب «كارما النية» و«كارما السلوك» لعل هذه الإصدارات تسهم كما أسهم هذا الكتاب لتكون نواة لتأسيس علم أو البحث في الكارما في العالم العربي والإسلامي.
وحول تجربته في النشر وصدور ديوانه الأول «سريعًا كمن لا يمر» عام 1997 ثم دواوينه الأخرى الشعبية والروائية وكتبه الفلسفية أكَّد الجهني أنه لا يفرق بين الإبداعات ولا يرى ذلك التصنيف إلا نتاج ذهنية «وأنا» تعوّدت هذه الأنا على التصنيف نتيجة إفرازات العقل الراهن، مستعيدًا مرحلة الشعر الشعبي التي يعدّها مرحلة مهمة بالنسبة له حيث شهد بدايات انطلاقة مرحلة التجديد في الشعر الشعبي والكتابة خارج الأقواس على حد تعبير الناقد الدكتور سعيد السريحي. وأضاف في تلك الفترة كان هناك حضور طاغٍ للقصيدة الشعبية الحديثة، في تلك الفترة برزت عدة أسماء أثرت كثيرًا في الذائقة وأسهمت في تحويل الشعر الشعبي من الكتابة العادية التقليدية المنتظمة بالوزن والقافية للكتابة الحرة التي نقلت وعيًا جديدًا وفلسفة جديدة في تناول الموضوعات أو القضايا من خلال القصيدة الشعبية، كما أسهم الإعلام في تلك الفترة من خلال تسليط الأضواء على عدد من الأسماء الخلاقة لمجموعة من الشعراء الذين يكتبون بحس شعري عالٍ وإبداع لم يكن له مثيل فكانت تلك بداية الانطلاقة ومن الطبيعي أن يكون هناك امتداد لأي تجربة سواء فيما يتعلق بالنشر أو الكتابة ذاتها.
وحول الرؤى والأهداف التي رسمها المجلس والعقبات والتحديات التي وقفت في وجه مسيرة عمل المجلس منذ توليه لسدة الرئاسة قال الجهني: إن ترأس مؤسسة ثقافية أو أن تكون من أصحاب القرار فيها، فهذا يعني أنك ستكون أمام تحديات كبيرة، وهذا ما كنا فيه أنا وزملائي أعضاء المجلس، ولكن ما ساعدنا على تجاوز معظم هذه التحديات أن تشكيلة المجلس كانت تضم عددًا من المثقفين والمثقفات، وقد قمنا بتنفيذ عدد من المشروعات المهمة في مجال التنمية الثقافية في منطقة تبوك من خلال عقد عديد من الندوات والمحاضرات وورش العمل في مجالات أدبية وإبداعية مختلفة، كما أقمنا مهرجان الشعر الخليجي الأول الذي كان له أثر وصدى كبير في الأوساط الثقافية والشعرية، إضافة إلى ملتقى الثقافة والانتماء.
كما قام النادي بعقد شراكات مع عدد من المؤسسات كجامعة تبوك لدعم هذه المسيرة، واستضاف النادي خلال الفترة الماضية عددًا من الأسماء المعروفة في مجالات فكرية ونقدية وإبداعية وفي مجال الطباعة والنشر حقق النادي بفضل الله وتوفيقه ثم بفضل الجهود المبذولة في لجنة المطبوعات قفزة نوعية في مجال النشر الإبداعي.
واجهتنا تحديات في العمل الثقافي من زملاء غير متفهمين
وأوضح أن اللقاءات والاجتماعات التي عقدها الأعضاء كان التفاهم والتنسيق حليف بعضها لتسيير العمل الثقافي الإبداعي في المنطقة وتقديم منتج يليق ويواكب تطلعات مثقفين ومثقفات منطقة تبوك.. قال الجهني:
كنا نتعامل مع هذا الأمر، وما زلنا، على أساس العمل الجماعي؛ وهذا ما ساعد على تحقيق الأهداف، وعلى الرغم من أن المجلس واجه تحديات كبيرة في ظل وجود بعض الزملاء غير المتفهمين لطبيعة العمل في المؤسسة الثقافية بشكل كامل، حيث كانت الرؤى تتباعد أحيانًا لدرجة العرقلة، ولكننا وبأسلوب معين انطلق من النظر للمصلحة العامة وضرورة أن يستمر هذا المركب في سيره نحو ما يطمح إليه الجميع؛ تمكنّا من الانتقال إلى مرحلة أكثر نضجًا، الأمر الذي ساعد النادي على تحقيق عديد من أهدافه.
وبيّن الجهني أن الأنشطة المنبرية هي شريان العمل في أي نادٍ أدبي، لأنها حالة التواصل المباشر مع الجمهور، وقد حرصنا على أن تكون هذه الأنشطة نوعية وذات أبعاد مختلفة تناسب فكر ورؤية الملتقى أو الجمهور، وكانت في الفترة الأخيرة وكما ذكرت، مهتمة بالجوانب الفكرية، ومعالجة بعض الرؤى في إطار فكري نقدي ومنها ما تم من محاضرات أثناء ملتقى (الثقافة والانتماء) إضافة إلى موضوعات أدبية ونقدية مهمة اتسمت بالجدية والخروج عن الأنماط التقليدية في الطرح، وكان الشعر في الفترة السابقة حاضرًا بشكل واسع وجميل واحتضن النادي أسماء شعرية مهمة وكان الدورات التدريبية الإبداعية من الجوانب الجديدة في أنشطتنا.
لم أفرض أمرًا على المجلس ولم أمرر فعاليات لم يقتنع بها الزملاء
وأضاف أن الحوار في المجلس يكون على شكل ورشة عمل (عصف ذهني) ونحن رغم وجود لجان متخصصة في أعمالها، إلا أننا نشركها في هذا الحوار ولا يمكن تنفيذ أي نشاط أو فعالية لا تقنع أو تؤمن بها الأغلبية، ولم يسبق لي شخصيًا، أن فرضت أمرًا على الزملاء في المجلس أو حاولت تمريره، إنما نتناقش حتى نصل إلى حالة الاقتناع التي تهيئ لإصدار أي قرار، سواء في مجال الأنشطة أو في أي أمر آخر يخص عمل النادي.
ولا أذكر أن هناك نشاطًا ندمنا عليه، بل على العكس ندمنا على أنشطة لم تنفذ وهي متميزة، ولكن حالت ظروف معينة دون تنفيذها.
الحربي قفز بنادي تبوك
وعن القفزة العالية التي حققها النادي من خلال لجنة المطبوعات التي يرأسها الشاعر عبد الرحمن الحربي الذي استطاع خلال فترة وجيزة المضي للصدارة بمنتجات النادي التي أثرت المكتبة الأدبية.. قال الجهني:
لقد كان للجنة المطبوعات عمل استثنائي وجهد بارز، أسهم في تحقيق حضور لافت للنادي في المشهد الثقافي في مجال النشر وكان للزميل الاستاذ عبدالرحمن الحربي وزملائه دور في إحداث نقلة كبيرة في مسيرة النادي في هذا المجال، وكان إصدار 42 مؤلفًا لعدد من مبدعي ومبدعات المملكة بشكل عام وتبوك بشكل خاص عملاً غير عادي ولم تشهده الأندية في تاريخها، وكان ذلك خلال ثلاثة أشهر تقريبًا، الأمر الذي شرّف النادي بأن كانت معظم آراء المثقفين والمهتمين تؤكد هذا التَّميز وتثني عليه...
o أبعدوا معلمي اللغة العربية
وانتقد الجهني طريقة اختيار أعضاء الجمعية العمومية مطالبًا بوضع آلية فريدة تتمسك بوجود مؤلف ومنتج أدبي إبداعي، مشيرًا إلى أن اشتراط تخصص اللغة العربية مازال يحدث إشكالية في نظام الانتساب للعضوية وزاد:
اللائحة الجديدة حملت عديدًا من النقاط المهمة والجيدة، لكن الجدل مرتبط بنوعية الأعضاء الذين يتم تسجيلهم في الجمعية العمومية، وأذكر أنني عندما كنت عضوًا في الفترة التي سبقت هذه الفترة في أدبي تبوك، ويتذكر ذلك الزملاء السابقون، طالبت بأن يكون شرط التسجيل واحدًا، وهو أن يكون مبدعًا لديه مؤلف أدبي أو إبداعي فقط، ولكنهم لم يأبهوا بندائي.
والآن وقعت اللائحة في نفس الدائرة السابقة، كونها تركت لأي حامل شهادة لغة عربية أن يكون عضوًا في النادي، وهذا غير منطقي، لذا أرى أن تطبق اللائحة بشرط واحد للعضوية وهو الانتماء الحقيقي للأدب، وبذلك سينتهي كل جدل حولها.
وتناول الجهني الظروف التي غيبت الدور المناط ببعض الأندية الأدبية وأسهم في غيابها عن المشهد الثقافي نتيجة عدم وجود مبدعين حقيقيين وشعراء وروائيين وكتاب مميزين مطالبًا بخلق أكاديميات للإبداع والفنون داخل هذه الأندية لإحداث تغيير واستقطاب المواهب التي يمكن صقلها بالتدريب وتابع: لا بد من الحكم على أي عمل من خلال معرفة ظروفه المحيطة، وهنا أعني أن النادي قد يكون متحمسًا لعمل أدبي وأنشطة واسعة، لكنه يصطدم بعدم وجود مبدعين حقيقيين، مثلاً، ندرة الشعراء الذين يكتبون الشعر الفصيح، أو الروائيين أو الكتّاب المتميزين، خاصة داخل المنطقة التي يعمل بها النادي، وهذا ما تعكسه الجوائز التي يتم عملها وتكشف عن ذلك، ومن هنا أقول للأندية: إن عليها الاهتمام بالبرامج التي تقوم بدور أكاديميات الإبداع والفنون لأنها بذلك ستحدث تغييرًا وتسهم في استقطاب المواهب التي يمكن صقلها بالتدريب وفتح فضاء الممارسة أمامها. وهذا ما وضعنا بذرته في لجنة الدورات ولعلنا أو لعل من يأتي بعدنا يكمل هذا المشروع ليحقق هذه الفكرة.
كذلك لا بد من إيجاد طريقة جديدة لإقامة الندوات والمحاضرات، يمكنها أن تستقطب ولعلها تكون «أون لاين»، يتابعها الناس في منازلهم. فالعمل الثقافي ليس بالضرورة أن يكون متمركزًا في مقره. وتحويل الكتب إلى إصدارات رقمية أو عمل أفلام وثائقية ثقافية يستطيع الملتقى التعامل معها بسهولة. وعودة إلى الفكرة التي يتضمنها السؤال، هناك أندية تميزت ولا تزال، وتعمل بفكر استثنائي، وأنا أثق بأن كل من وُلي عملاً لن يتخاذل في تنفيذه ببراعة، لكن الظروف قد تخدم أحدًا دون آخر..
مشيرًا إلى أنه سعيد بما حققه على المستوى الفردي من منجزات ثقافية منذ أسهم في تأسيس جمعية الثقافة والفنون وخمسة مجلدات وثائقية كتبها نافيًا في الوقت نفسه سعيه لتقلد المناصب وقال:
لو عاد بي الزمان إلى الوراء، لضاعفت ما قدمته لمنطقتي في السنوات السابقة وعلى كافة المستويات، منذ أن أسست جمعية الثقافة والفنون عام 1424هـ، وحتى ترؤسي لمجلس إدارة النادي الأدبي، وأنا سعيد بما قدمته على المستوى الفردي، أيضًا، لأنني لا أخدم تبوك، فقط من أجل تولي منصبًا أو الاهتمام به، ولعل موسوعة تبوك الوثائقية التي قدمتها، عبر خمسة مجلدات، ومشاركاتي في المجالس والبرامج التنموية تشفع لي أمام حب تبوك الورد.
متطلعًا لفكرة نشر المراكز الثقافية وانبثاق اللجان من رحمها وزاد:
أتمنى أن تتحقق فكرة المراكز الثقافية وتكون داخلها، لجنة الأدب ـ لجنة الإبداع الشعري ـ لجنة المسرح ـ لجنة الفنون الجمالية ـ لجنة التراث والفنون الشعبية وهكذا ـ وبذلك تكون الجهود قد جمعت وأصبح إطارها واحدًا، أو يتم عمل مراكز ثقافية وتنبثق منها جمعيات ثقافية أهلية في مجالات متعددة لخدمة الأدب والتراث والفنون، ويمكن عمل هذه وتلك.
وعلينا أن نفكر بنوعية العمل بعيدًا عن التفكير بالمسميات لأنه في النهاية ستعمل كل لجنة بمعزل عن الأخرى. الأهم في ذلك كله أن نتخلص من مشكلة القرارات الفردية.
مصيبة ثقافية كبرى!
وامتدح الجهني دور الوزارة في إعطاء الأندية الأدبية الحرية المطلقة في أدوارها الإدارية ومعاملاتها المالية، مبينًا أن الوزارة بهذه
الاستقلالية أعطت فرصة للأندية لتعمل بأريحية وبثقة، وفي كلتا الحالتين الأمر مرتبط بقرار جماعي، لا يمكن لأحد أن يفرض رؤيته أو يفعل ما يراه بصورة فردية شخصية، وهذه الصفة الاعتبارية للمجلس منحته إياها اللائحة وأن كانت المجالس تشكّل فقط لتكون ممرًا لقرارات الوزارة، فهذه مصيبة ثقافية كبرى. ونحن في الحقيقة لم نواجه تدخلات من الوزارة وكان عملها تجاهنا عملاً واعيًا بدور المجالس وطبيعتها في عديد من الأمور وداعمة لقرارات المجلس بعد الجمعية العمومية، وهذا ما ساعدنا حتى على التخلص من العقبات وليس فقط على صنع النجاحات.
ونأمل أن يبقى هذا الأمر كما هو، لأن الاستقلالية تمنح الحماس وتدفع إلى المزيد من التقدم، فالرهان دائمًا يكون على الثقة والحرية المسؤولة.
الجمعيات العمومية في هذه الصورة التي وضعتها اللائحة لا أظنها ستقدم شيئًا يذكر
واختتم الجهني تصريحه «للثقافية» بانتقاده لدور الجمعيات العمومية التي تشكلت بهذه الصورة بسبب قرارات الوزارة في آلية الاختيار وقال:
الجمعيات العمومية في هذه الصورة التي وضعتها اللائحة لا أظنها ستقدم شيئًا يذكر، لكن عندما تكون كما ذكرت سابقًا، من المبدعين والمعنيين والمشتغلين في هذا المجال، ستكون على تواصل وسيصبح الحوار بينها وبين المجلس أكثر فاعلية ووضوحًا، وسيكون أعضاؤها ضمن لجان النادي وبالتالي يمكن أن ننظر للعمل على أنه يحمل سمة التكامل وهذا هو المطلوب.