سعود عبدالعزيز الجنيدل
هل نتصور الحياة من دون منافسة؟ وهل يمكن أن تكون هناك حياة مستقيمة في غياب المنافسة؟ وما موقفنا من الطرف المنافس؟
حقيقة أسئلة كثيرة تدور في خلدي، عن هذا الموضوع، حاولت التملص كثيراً من الإجابة عنها، ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل الذريع.
لن أتكلم عن هذا الموضوع من جانب متخصص دقيق، فهذا ليس مجالي، ولكني أحببت التحدث عنه من جانب فلسفي.
فالمنافسة بين الطرفين مهمة جداً، ونظرتي لها من جانب فلسفي يجعلني أراها من زاوية مختلفة عن أرباب الاقتصاد والمال...الخ.
ففي عالم المال، والأعمال - على الأقل من وجهة نظري - تطمح كل شركة في إقصاء الشركات المنافسة لها في المجال ذاته، أو إضعافها، ومحاولة السيطرة على أكبر عدد من المستهلكين، وهذه النقطة تكون «Target « للشركات، ولو أخذنا على ذلك مثالاً بين شركتين تقدمان خدماتهما في مجال الاتصالات، فنجد أن المستهلكين لهذه الخدمة منقسمون بين هاتين الشركتين، وتحاول كل شركة في الوقت ذاته طرح مزيد من العروض لاستقطاب المستهلكين في الشركة، الأخرى، وكذلك تبذل قصارى جهدها لكي تقدم أعلى معايير الجودة، والأداء، من أجل نيل رضاء العميل « Guest Satisfaction « ولذلك تحرص على تطوير أداء موظفيها مستخدمة مؤشر قياس الأداء « Key performance indicator «.
ولكن تخيل معي أن من يقدم خدمة الاتصالات شركة واحدة، فهل يا ترى ستجد الخطوات السابقة؟ لا أظن ذلك لانعدام «motivation «, فالمستهلكون سيأتون لهذه الشركة بغض النظر عن جودة الأداء.
هذه النقطة الأولى التي أردت توصيلها، ولا أظنها جديدة، ولكن المثير في الموضوع أني أؤمن بفلسفة رفع قيمة المنافس لك، في أي مجال كان، حتى لو كان على المستوى الشخصي.
فهذه المنافسة سترفع من قيمتك، وتجعلك تبذل الغالي والنفيس لكي تظفر بالفوز، خصوصاً إذا كانت هذه المنافسة معروفة بين أوساط مجال ما، فأنت إذا كنت مقراً بهذه المنافسة، وتحاول دوما التفوق على الطرف الآخر الذي تنظر له على أنه منافس أزلي لك، فهذا يعني ضمناً إقرارك بقوته، مما يجعلك تحاول النيل منه متى ما تيسر ذلك.
وفي الوقت نفسه أي محاولة تبذلها لكي تقلل من قيمة هذا المنافس، فهي تعني التقليل من قيمتك، لأنه لو لم يكن منافسك قوياً، لما اعتبرته منافساً لك، فأنت لا تجعل من الضعفاء منافسين لك، إلا إذا كنت ضعيفاً!.
فأنت أمام أحد أمرين:
الأول: التقليل من قيمة منافسك، وبالتالي التقليل لقيمتك.
الثاني: الإقرار بقيمته، وقوته، ومحاولة النيل منه متى ما سنحت الفرصة لذلك.
وأغلب الناس - من وجهة نظري - يسلك الأمر الأول جهلاً منه بحقيقة ذلك، وهذا تجده واضحاً في مجالات كثيرة، منها مجال كرة القدم، فالتقليل من قيمة الغريم الأبدي لك، هو تقليل لقيمتك، وإلا ما الفائدة من جعل غريمك ضعيفاً؟ ألا يجعلك هذا ضعيفاً مثله؟ لأن الأقوياء يحبون أن يكون منافسيهم أقوياء مثلهم.
أعرف تماماً أن الأغلب يتمنى إلحاق الهزيمة بمنافسيهم، وهذا حق للكل، ولكن لا تقلل أبداً من قيمتهم.