فهد بن جليد
ربما أنه أحد زملائك في العمل؟ وربما أنه أحد أقربائك؟ ومن يدري لعله أحد جيرانك دون أن تعلم؟ قد تتحدث معه وتُخالطه بشكل طبيعي، دون أن يكون لديك تصنيف أو تمييز ضده، مع عدم وجود خطر عليك كونه (يتعايش) مع مرض نقص المناعة المُكتسبة بعيداً عن تهديد حياتك، فكيف سيكون الحال لو عرفت أن حولك (مُتعايش) مع الإيدز؟!
للأسف ما يقوله أصحاب الشأن من (المُتعايشين) الذين كُشف أمرهم أمام مُحيطهم، أنهم يعانون تميزاً وتصنيفاً في مُجتمعنا، وتخوفاً وتجنباً وهروباً نتيجة الثقافة الخاطئة عن المُتعايش مع الإيدز، وكأن المجتمع قد حكم على هؤلاء بالإعدام المُبكر، ووصمهم بأنَّهم (أصحاب خطايا) وما أصابهم هو نتاج (عمل مرفوض) دينياً وأخلاقياً، وسلوك شاذ، مُتناسين أن طرق العدوى مُتعددة مع كثرة الأخطاء الطبية، نقل الدم، استخدام مُعدات غير مُعقمة، الحلاقين ... إلخ وليست كُلها نتاج اتصال جنسي مُحرّم!
لا أحد في منأى عن الإصابة لا سمح الله بمثل هذه الأخطاء, بل إننا لا نملك الحق في إصدار عقوبة وشهادة وفاة حتى لأولئك الذين ارتكبوا خطأ ما في حياتهم، فالله غفور رحيم، وعلينا أن نكون مصدر أمل، وباب توبة لهم، فمن حق هؤلاء العيش بكرامة، ومُمارسة حياتهم بما لا يُهدد حياة غيرهم، خصوصاً مع تقدّم الطب في هذا الجانب والقدرة على (التحكم) بالفايروس في الجسم ومنع انتشاره أو نقله، الإيدز شكَّل رعباً في المجتمعات الإنسانية مُنذ اكتشافه قبل 4 عقود، لذا هناك من يحاول أن يصمّ أذنيه بيننا وكأنه غير معني بالأمر، وقد انبرى لإصدار الأحكام وتحديد مصير ونهاية المُصابين، مُتحدياً قدرة الله على الشفاء، ووعده لصاحب التوبة النصوح!
برأيي أن الوقت قد حان لنفكر في المُتعايشين بيننا بطريقة مُختلفة؟ ونحاول منحهم حقوقهم في العمل والبناء والعلاج عند اكتشافهم بدلاً من تمييزهم، حتى نشجع غيرهم على الفحص ومُحاربة الفايروس مُبكراً - لا سمح الله - مع أننا - ولله الحمد- من أقل الدول إصابة في العالم، لأن ديننا الحنيف دين عفة لمنع السبب الرئيس لانتقال المرض، ونتيجة التقدم الطبي في الكشف ومنع نقل العدوى..!
يتبع
غداً أخبركم عن قصة (أبو ركان) الذي لا يعلم مَن حوله أنه مُتعايش مع الإيدز، وكيف نجحنا في إقناع شابين سعوديين بالفحص وإظهار النتيجة أمام الآخرين بكل شجاعة؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.