«الجزيرة» - الاقتصاد:
أكد تقرير اقتصادي أن الدخل الاستثماري سيكون المصدر الأساسي لنمو الإيرادات، مرجحا تعزيز صندوق الاستثمارات العامة لعائدات الاستثمار بفضل فعالية أسلوبه في إدارة الثروة السيادية.
وأشار تقرير «جدوى للاستثمار» في تناوله لميزانية الدولة للعام المالي 2017، التي أقرها مجلس الوزراء السعودي أمس، إلى أن بيان الميزانية لهذا العام تضمن مستوى غير مسبوق من التفاصيل والشفافية فيما يختص بالتوزيع الوظيفي للنفقات. وبقي قطاعا التعليم والرعاية الصحية يمثلان أهم بنود الإنفاق الحكومي في الميزانية، حيث شكلت مخصصاتهما مجتمعين نحو 40 بالمئة من إجمالي الإنفاق، بينما حظي قطاع الخدمات الأمنية والعسكرية بأكبر نصيب من الإنفاق، حيث شكلت حصته منفرداً نحو 32 بالمئة من الإجمالي. فيما قدّر بيان الميزانية الإيرادات غير النفطية بنحو 212 مليار ريال، بنمو كبير بلغت نسبته 17،8 بالمئة و6،5 بالمئة مقارنة بالإيرادات التقديرية والفعلية في ميزانية 2016، على التوالي. وقررت الميزانية نمو كبير في رسوم ومصاريف الخدمات عام 2017.
وبحسب التقرير فقد جاءت بنودها لتؤكد التزام الحكومة المتواصل بالمحافظة على مستوى مرتفع من الإنفاق، كما أنها جاءت متسقة مع هدف برنامج التحول الوطني المتمثل في الوصول إلى ميزانية متوازنة بحلول عام 2020. وفيما يلي أبرز ما ورد في مرسوم الميزانية.
أكدت الحكومة التزامها بدعم الاقتصاد بإقرارها ميزانية توسعية بلغ حجم الإنفاق فيها 890 مليار ريال، مقارنة بإنفاق بقيمة 840 مليار ريال في ميزانية عام 2016. وبناءً على إيرادات تبلغ 692 مليار ريال، فقد جاءت الميزانية بعجز أقل من السنة لماضية بلغ بالقيمة الإسمية 198 مليار ريال. وسيتواصل تمويل هذا العجز عن طريق المزاوجة بين السحب من الموجودات الأجنبية والدين من مصادر محلية وخارجية.
وأشار بيان الميزانية إلى خطط لإصدار سندات دين جديدة بمبلغ 120 مليار ريال، والذي نتوقع أن يؤدي إلى زيادة إجمالي الدين في نهاية عام 2017 إلى 433 مليار ريال (16،4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي)، مرتفعاً من 317 مليار ريال عام 2016. وفي أكتوبر، بلغت حسابات الحكومة لدى «ساما» 216 مليار ريال، بينما تراجع صافي الموجودات الأجنبية بنحو 72،6 مليار دولار خلال الفترة من بداية العام وحتى أكتوبر لتصل إلى 544 مليار دولار (85 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي).
وكجزء من تحقيق أهداف برنامج التحول الوطني 2020 ورؤية المملكة 2030، ورغم استمرار انخفاض أسعار النفط، أقرت المملكة زيادة الإنفاق في ميزانية عام 2017 مقارنة بمستوى الإنفاق سواء التقديري أو الفعلي في ميزانية 2016. ولكن، إذا أخذنا في الحسبان مبلغ الـ 105 مليار ريال التي صرفت كمدفوعات متأخرة للمقاولين، فإنَّ إجمالي الإنفاق الفعلي عام 2016 يكون قد بلغ 930 مليار ريال، ما يعني أن الإنفاق عام 2017 أقل من عام 2016.
وزاد الإنفاق الرأسمالي بدرجة كبيرة إلى 262 مليار ريال عام 2017، مقارنة بمبلغ 76 مليار ريال في ميزانية عام 2016. وهذه الزيادة تشير إلى تركيز الحكومة القوي وعزمها على دعم نمو القطاع الخاص، كما تم تخصيص مبلغ 42 مليار ريال لمبادرات برنامج التحول الوطني، منها 30 مليار ريال تندرج تحت الإنفاق الرأسمالي.
وتضمن بيان ميزانية العام 2017 تفاصيل لبرنامج تعادل الميزانية، وهو أحد البرامج المهمة في رؤية المملكة 2030. ويشتمل هذا البرنامج على جميع الإصلاحات المتعلقة بالوصول إلى ميزانية متعادلة بحلول عام 2020، وتضمن إنشاء وحدة مهمتها ترقية الإيرادات غير النفطية ووحدة أخرى لترقية كفاءة الإنفاق العام. كذلك، اشتمل بيان الميزانية على شرح للعديد من المبادرات الواعدة والتي تتسق مع رؤية المملكة 2030.
ووفقا للتقرير فقد جاء أداء ميزانية عام 2016 قريباً من التوقعات، بعجز بلغت قيمته 297 مليار ريال، أو 12،4 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (تقديرات جدوى للاستثمار: 265 مليار ريال، ما يعادل 11،2 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي). ويشير هذا العجز إلى تحسن واضح مقارنة بالعجز القياسي الذي تضمنته ميزانية عام 2015 والذي بلغت قيمته 362 مليار ريال، حيث بلغ إجمالي الإنفاق الفعلي 825 مليار ريال، وجاء أقل المبلغ المقرر في الميزانية، وهو أمر يحدث لأول مرة منذ عام 1998. وحتى لو أخذنا في الاعتبار مبلغ الـ 105 مليار ريال التي تم دفعها كمستحقات للمقاولين عن التزامات سابقة للعام 2016، نجد أن نسبة تجاوز الإنفاق بلغت 10،7 بالمئة عام 2016، وهي نسبة تقل كثيراً عن متوسط معدل تجاوز الإنفاق خلال الفترة بين عامي 2005 و2015 والتي بلغت 24،4 بالمئة.
من ناحية أخرى، جاء النمو السنوي في الإيرادات غير النفطية قوياً، ولكن انخفاض أسعار النفط أدَّى إلى تراجع إجمالي الإيرادات بنسبة 14،3 بالمئة مقارنة بعام 2015.
وأشار تقرير «جدوى للاستثمار» فقد أظهرت البيانات الاقتصادية الأولية لعام 2016 استمرار تباطؤ الاقتصاد السعودي عام 2016، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي الفعلي نمواً بنسبة 1،4 بالمئة (تقديرات جدوى للاستثمار: 1،1 بالمئة). وتباطأ نمو القطاع الخاص غير النفطي إلى 0،1 بالمئة، على أساس المقارنة السنوية (تقديرات جدوى للاستثمار: 0،7 بالمئة)، وجاءت أعلى معدلات النمو من نصيب قطاعي النقل والتمويل. وتضمن بيان الميزانية، ولأول مرة، توقعات لنمو الناتج المحلي الإجمالي لعام 2017 والذي قدّره بـ 2 بالمئة (تقديرات جدوى للاستثمار: 0،4 بالمئة). واعتقد التقرير: أن سعر 52 دولاراً للبرميل لسلة صادر الخام السعودي (نحو 55 دولاراً للبرميل لخام برنت) ومتوسط إنتاج في حدود 10،1 مليون برميل في اليوم للعام 2017 يتسق مع تقديرات الإيرادات الواردة في الميزانية. ونعتقد أن الحكومة قدرت الميزانية وفقاً لالتزامها مع أوبك، الذي تم الاتفاق عليه في أكتوبر، لذلك ستخفض إنتاجها بنحو 300 ألف برميل يومياً، على أساس سنوي. ولكن، لا يزال السيناريو الأساسي لتوقعاتنا هو 10،4 مليون برميل في اليوم، بناءً على عدد من المخاطر تتعلق بعدم التزام أعضاء أوبك الآخرين بالخفض، وليس المملكة، مما يؤدي إلى عدم تنفيذ اتفاق أوبك. وبناءً على ذلك، نتوقع أن تتخطى الإيرادات الحكومية عام 2017 المستويات المقدرة في الميزانية. وكذلك نعتقد أن التدابير الرامية لزيادة كفاءة الإنفاق ستجعل المصروفات الفعلية تتوافق مع المصروفات المقدرة في الميزانية والتي تبلغ 890 مليار ريال. لذا، نتوقع أن يأتي العجز الفعلي أقل مما هو تم تقديره في الميزانية وسيبلغ 162 مليار ريال (6،1 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي) بناءً على سعر للنفط عند 54،5 دولاراً للبرميل لخام برنت عام 2017.