سعد بن عبدالقادر القويعي
منذ عام 2012 قاد قاسم سليماني الحرس الثوري وحزب الله اللبناني ومليشيات عراقية في معارك سوريا، وخصوصًا معركة القصير في محافظة حمص بسوريا، وأشرف عليها بنفسه، وتمكن من استردادها من المعارضة في مايو 2013، إلى أن شارك في ريفي اللاذقية وحلب، وأشرف على عمليات إرهابية عديدة، إضافة إلى عمليات إعدام خارج القانون، تمثلت في قضايا خطف، وتدمير ممتلكات، وحرق جثث، وتعليقها على أعمدة الكهرباء، أو سحلها في الشوارع، وكان آخرها ما نشرته المواقع الإيرانية من صور حديثة له وهو يتبختر مشيًا على الأقدام، وفي الهواء الطلق في حلب الشهباء، الغارقة هذه الأيام برائحة القتل من ضحايا مليشياته الإرهابية، وبرفقة شبيحة النظام، مشابهًا لمشية «أرئيل شارون» في بيروت، إبان استباحتها من إسرائيل في العام 1982، ولتأكيد النفوذ الإيراني، وسيطرته على مدينة عربية جديدة، بعد أن ارتكبت أبشع عمليات القتل، والتنكيل، والتهجير.
تألمت لازدواج المعايير، وتضارب المصالح، وأنا أقرأ وضع وزارة الخزانة الأمريكية سليماني على لائحتها السوداء، وكذلك فرض الاتحاد الأوروبي عليه عقوبات؛ بسبب دوره في دعم نظام الأسد؛ لتحريضه على الإرهاب. مع أن المشروع الإيراني - الأمريكي - الغربي بنسخته الجديدة لسايكس بيكو في تفتيت المنطقة، وتقسيمها، أصبح واقعًا، فرضته إيران، وأمريكا، ودول أوروبا، وبقوة المليشيات الإرهابية الشيعية، والحرس الثوري، وفيلق القدس بقيادة سليماني؛ من أجل رسم خارطة جديدة، تحددها معالم صراع الهيمنة في المنطقة بين غرب أمريكي، وشرق روسي.
البصمة الإيرانية الاستعراضية على الإبادة في حلب تمثلت بين الدمار المخيف في تلك المدينة الهادئة، وأمام أطلال قلعتها التاريخية؛ إذ تتأكد الصورة الأليمة لما بلغته سوريا من خراب، ولحكام طهران من مرض الغطرسة، فما تم إنجازه، وتحقيقه على أرض الواقع، كان نتاج تدخلات خارجية، ومؤامرات استخباراتية؛ كونها حملت دلالات عميقة لواقع الاحتلال الإيراني في سوريا، ونفوذ طهران الكبير على أرض المعركة، بعد أن ملأت الفراغ بتوظيف الراديكالية الشيعية، وصرف الأموال الطائلة، والجهد السياسي، والعسكري، والأمني، والبشري؛ من أجل مشروع تصدير الثورة، والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
يعتبر المجرم سليماني العقل المدبر للعمليات الإرهابية الخارجية، التي ينفذها فيلق القدس، الذراع العسكرية والأمنية للحرس الثوري الإيراني في المنطقة والعالم بقيادته؛ فهو ينطلق من عقلية إجرامية، واستنزافية لآخر قطرة من دماء الأبرياء. وهو ما يشير إلى أن الحرب السورية ستدخل مجددًا في فصل جديد من الموت، والدمار، وستشهد سنوات آتية أشد وأقسى على الشعب السوري.
إن سياسة الاستخفاف بالجماهير بغية تجهيلها، وتغييبها عن واقعها، وحرفها عن الحقيقة، والترويج لرواية مغايرة تمامًا قائمة على الكذب، والخداع، والتشكيك، لا يمكنها أن تصمد أمام الواقع الذي لا لبس ولا باطل فيه، والمتمثل في شواهد حجم الدمار الهائل، والمجازر البشعة التي ألحقتها أسلحة الإرهابي سليماني؛ ليسجل التاريخ الحديث أسوأ نقطة سوداء في سجل الإنسانية، حين عجزت أمم الأرض عن فعل شيء حقيقي أمام تلك الكارثة.