خالد الربيعان
«فيل نايت» .. طفل أمريكي كان يحب أن يجري كل يوم صباحاً بحذاء رياضي رخيص محلى الصنع ، في الأربعينات الشركة الوحيدة التي صنعت أحذية الرياضة والجري بأميركا كانت شركة إطارات سيارات بالأساس ! فلك أن تتخيل الألم الذي كان في قدم الصغير كل يوم بعد انتهائه من الجري !
كبر الطفل ومفتاح التحول في حياته هي عنوان المقال «لن أساعدك» ! قالها له والده عندما طلب منه «فيل» أن يعمل معه في الجريدة التي يمتلكها ! «اذهب واعمل بمفردك» ! بالفعل سافر فيل بعدها لليابان ليبحث عن أحذية رياضية يقوم بالتجارة فيها في بلده !
وجد مصنع ياباني يقلد أحذية أديداس الألمانية ، والتي كانت في كل مكان ذلك الوقت ، قال لهم أريد ان أكون الوكيل لكم في أميركا ، وبدأ بـ300 زوج من الأحذية !
ما هي الاحتمالات ؟! واحد في المليار ! أن ترى رجلاً فاتحاً لصندوق سيارته الخلفي وبها عدد من الأحذية الآسيوية المقلدة ! أن ترى هذا الرجل فتقول هذا بعد 10 سنوات سيصبح صاحب أكبر علامة رياضية في العالم كله وفي تاريخ هذا الكوكب !
الغباء مفيد أحياناً! نعم أنت قرأتها بشكل صحيح ! تصرّف في بدايته بغباء ! عندما زاد عمله وأسس شركة صغيرة كان هامش ربحه لا يتعدى 5 % في الحذاء الواحد ، يبيع بمليون دولار مثلاً ليكسب 50 ألفاً ! يسدد منهم رواتب من يعملون معه والضرائب : ليجد نفسه مديوناً في النهاية!
هامش الربح القليل هذا هو ما دفعه لمحاولة التخلص من التبعية للمصنع الياباني ، ويحاول إنتاج منتج شبيه له من الصفر ، وبالفعل حدث ، وسمى الشركة الناشئة نايكي ، هذا الشعار الشهير الذي يحتل المرتبة الأولى في مجاله دفع «فيل» مقابل رسمه: 35 دولاراً فقط لطالبة جامعية تجيد الرسم!
في أميركا الآن مئات المنتجات من مئات المصانع كلها تنتج أحذية فلماذا اشتهرت نايكي بالذات؟ الإجابة لأنّ صاحبها اتجه لتسويق منتجه «رياضياً» ! سنة 84 شاهد فيل موهبة صغيرة مغمورة ولكنها واعدة ، شاب طويل نحيل عنده 21 سنة، اتفق معه على تسويق أحذية «نايكي» بتعاقد جيد جداً للطرفين ، هذا الشاب ببساطة أصبح مايكل جوردان !
النتيجة ان نايكي أصبحت الأولى في أميركا ! وتخطت ذلك لتكون الأولى في العالم وتتخطى أديداس نفسها ! بل إن أكبر 32 نادياً في العالم قيمتهم معاً 26 مليار يورو: نايكي وحدها قيمتها 92.5 مليار يورو !
الدليل أنها ليست صدفة ما حدث بعد اعتزال «جوردان» ، احتاج فيل لأيقونة رياضية جديدة لتسويق منتجاته ، ذهب ليشاهد دوري السلة لطلبة المدارس الثانوية، وهناك شاهد موهبة أخرى صغيرة مغمورة فعمل معه عقداً بـ90 مليون دولار مقابل أن يقوم بالدعاية لنايكي.. البعض يراها مخاطرة .. ولكن توقع رجل أعمال بهذه الحنكة لا يخيب.. وتطور هذا الشاب ليصبح « ليبرون جيمس».. الوحيد الذي أجمع عليه الناس ليكون خليفة جوردان في هذه الرياضة !
لن أكرر نفسي!
لن أفعل مثل كل مقال وأقول إن صاحب نايكي بدأ كبائع متجول، ولماذا لا تكون هناك قصة مثل هذه يكون بطلها شاباً عربياً أو رجل أعمال سعودياً ناشئاً؟، لن أكرر نفسي وأقول ما أقوله في كل مقال عن أننا نمتلك الإمكانيات اللازمة والسوق الكبير والمكانة اللائقة، وعيب أن يرتدي لاعبو أنديتنا ومنتخباتنا كلهم منتجات أجنبية تباع بأعلى سعر لها عندنا نحن بالذات ! لن أكرر نفسي وأقول كل هذا.. أنا أعرف أنكم تَمِّلُون !