جدة - عبدالله الدماس:
لم يعد السجن ذلك المكان المخصص للعقاب ومن أجبرته الظروف إلى الذهاب إليه حيث تحول إلى منشأة إصلاحية تراعي توفير كل مقومات الحياة الاجتماعية الدينية والنفسية والصحية والمادية لكل نزيل. حيث عملت إدارة السجون على تهيئة تلك السجون بما يتناسب مع احتياجات النزلاء حتى جعلتها مكانًا ترفيهيًا يمارس فيه الزيل حياته اليومية بكل سلاسة.
واطلعت «الجزيرة» في جولة لها داخل إصلاحية جدة وسجن بريمان ضمن وفد إعلامي على التطور الذي عملت عليه إدارات السجون، وكان في استقبال الوفد اللواء فايز الأحمدي، مدير سجون منطقة مكة المكرمة ومدير سجون جدة وعدد من الضباط والمسؤولين.
وأوضح المقدم فايز الأحمري، مدير إصلاحية سجون جدة بأن الإصلاحية تبلغ مساحتها مليون ونصف المليون متر مربع وأنها مصممة لاحتضان أكثر من 7 آلاف نزيل ونزيلة وأنها مصممة هندسيًا وفقًا لاحتياجات النزلاء، حيث يحوي المبنى عددًا من الأقسام التدريبية بما فيها مراكز تعليم الخياطة والحلاقة وغيرها من المهن التي يبدع فيها النزيل، كما تحوي الإصلاحية مدرسة تعليمية بها مكتبة كبيرة فضلاً عن الملاعب.
كما بين المقدم الأحمري، بأن مباني التدريب تحوي ورشًا ومعامل مختلفة التخصصات تستوعب 300 متدرب، ويشتمل على معمل للخياطة تتم فيه حياكة الملابس الذاتية بالسجناء من قبل السجناء المختصين، ويتم الحاقهم ببرنامج تشغيل السجناء ويصرف لهم راتب وفق لائحة التشغيل المتوافقة مع نظام وزارة العمل والعمال من ناحية الإجازة والراتب وغيرها.
وأكَّد المقدم الأحمري، بأنه يتم دراسة وضع السجين عند وجوده من خلال وضعه المالي ووضع عائلته، حيث يتم التواصل مع وزارة العمل والتنمية الاجتماعية لتقديم المساعدة اللازمة. منوهًا إلى أنه في الجانب الآخر تحوي الإصلاحية ثلاث محميات زراعية يتم فيها تدريب النزلاء على الزراعة تحت إشراف خبراء. إضافة إلى وجود حظائر للمواشي والدواجن، كما أن الإصلاحية يوجد بها مطبخ مركزي مجهز بكامل الأدوات يقوم على توفير الوجبات الغذائية من قبل شركات متخصصة تشرف عليها إدارة السجون وفقًا للاشتراطات الصحية لذلك.
أما النقيب مهندس عبدالمحسن العلياني، فأكَّد بأن الإصلاحية تراقب بأكثر من 3 آلاف كاميرا موزعة على كامل الإصلاحية وداخل العنابر.
وفي مجال التقنيات الأمنية وظفت إدارة سجون جدة التقنية الحديثة في بوابات الدخول في سجن بريمان، وأوضح الرائد علي الزهراني، بالشرطة العسكرية بأن البوابات تعتبر متقدمة وذات مواصفات عالية وبها تقنيات قد لا تكون موجودة حتى في أمريكا، حيث إنها تحمل منظومة أمنية عالية، ابتداء من الأبراج الموجودة على زوايا السور أو المنصات التي تتعامل مع الهجمات الإرهابية المفاجئة، ويتم تصوير قائد المركبة ومن بجواره إضافة إلى معلومات المركبة والماسح الضوئي الذي يقوم بالكشف عن وجود أية متفجرات بالمركبة أثناء مرورها.
من جانبه فقد رحب مدير إدارة العلاقات والإعلام المتحدث الرسمي للمديرية العامة للسجون العميد الدكتور أيوب بن نحيت، أن السجون تهدف في الأساس إلى تحقيق عناصر الردع الخاص والردع العام، والنظريات الاجتماعية التي أكَّدت على أن للسجين مجتمعًا خاصًا أدى إلى نشوء ما يسمى بـ»ثقافة السجن»، وهي بمنزلة السلوكيات المتكررة والدائمة المرتبطة بهذا المجتمع ونزلائه، كما يشير مفهوم ثقافة السجن إلى أسلوب الحياة الذي يميز مجتمع السجن عن غيره بما يحوي من عادات وأعراف وقوانين وقيم ومعايير قام النزلاء بتطويرها بأنفسهم، وهي متميزة تمامًا عن تلك السائدة في المجتمع الكبير، الأمر الذي يجد معه النزلاء الحاجة للتكيف معها، والاستسلام لتداعياتها وآثارها السلبية، التي من أهمها اعتناق النزلاء لقيم وأفكار خاصة بهم، وشعورهم بأن المجتمع غير مستعد لقبولهم ومنحهم فرصة أخرى لإعادة الاعتبار لأنفسهم اجتماعيًا وأخلاقيًا وهو ما يطلق عليه بـ «صدمة الإفراج».
ومن هنا نسعى في المديرية إلى تعويد النزلاء والنزيلات على مواجهة المواقف الصعبة في الحياة، بحيث نتعامل معهم على أنهم ضحايا ظروف نفسية واجتماعية معينة قادتهم إلى السجن؛ لذلك حرصت المديرية على التخطيط لتصميم وتنفيذ إصلاحيات نموذجية متكاملة، حيث تم افتتاح باكورة هذه الإصلاحيات في كل من مدينتي الرياض وجدة، وكذلك يتم العمل حثيثًا على إعادة تأهيل بيئات السجون القديمة مثل سجن بريمان.